فصل: 1398 علي بن محمد بن منصور بن داود الأرجيشي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **


ومن الرواية عنه

أخبرنا الوالد رحمه الله قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا شيخنا أبو الحسن الباجي بقراءتي عليه على بدء أخبرنا أبو العباس أحمد بن يوسف بن عبد الله بن زيري التلمساني بدمشق

ح

وأخبرنا تاج الدين عبد الرحيم بن إبراهيم بن أبي اليسر بقراءتي عليه ومحمد بن علي بن يحيى الشاطبي قراءة عليه وأنا أسمع قالا أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر

ح

وأخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز بقراءتي عليه أخبرنا كمال الدين بن عبد الحارثي حضورا قالوا أخبرنا بركات بن إبراهيم الخشوعي أخبرنا عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد بن موسى بن راشد الكلابي أخبرنا أحمد بن عمير بن يوسف الحافظ قراءة عليه حدثنا كثير بن عبيد حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن ابن عوف أن أبا هريرة قال قال رسول الله ‏(‏ من حلف منكم فقال في حلفه باللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق ‏)‏ +رواه النسائي+ عن كثير بن عبيد هذا فوقع لنا موافقة عالية ولله الحمد

ومن شعره أنشدنا الشيخ الإمام الوالد رحمه الله من لفظه قال أنشدنا شيخنا علاء الدين لنفسه من لفظه في الصفات التي أثبتها شيخ السنة أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه

حياة وعلم قدرة وإرادة ** وسمع وإبصار كلام مع البقا

صفات لذات الله جل قديمة ** لدى الأشعري الحبر ذي العلم والتقى

قلت أرشق من هذا قول الشاطبي في الرائية

حي عليم قدير والكلام له ** فرد سميع بصير ما أراد جرى

قلت أنا أبدل قوله فرد بباق لتتم الصفات في نسق واحد

أنشدنا الشيخ الإمام لفظا أنشدنا شيخنا الباجي لنفسه

رثى لي عودي إذ عاينوني ** وسحب مدامعي مثل العيون

وراموا كحل عيني قلت كفوا ** فأصل بليتي كحل العيون

أنشدنا الشيخ ناصر الدين محمد بن محمود البساسي المنجد وهو من أخصاء الشيخ الباجي بقراءتي عليه بالقاهرة قال أنشدنا شيخنا علاء الدين من لفظه لنفسه

يقول أضعف العبيد الراجي ** مغفرة علي بن الباجي

الحمد لله على التوفيق ** لفهم ما ألهم من تحقيق

وكم له من نعمة وجود ** أوله إفاضة الوجود

ثم الصلاة والسلام الأبدي ** على النبي المصطفى محمد

وآله وصحبه وعترته ** والتابعين بعدهم لسنته

اعلم فدتك النفس يا حبيب ** أن السعيد العالم الأديب

وهو الذي حوى العلوم كلها ** وفك مشكلاتها وحلها

كالفقه والأصلين والتوريث ** والنحو والتصريف والحديث

والعلم بالتفسير والمعاني ** ومنطق الأمين والبيان

والبحث واللغات والإخبار ** عن قصص الماضين في الأعصار

والطب للأبدان والقلوب ** وكل علم نافع مطلوب

واستثبت المنقول منها ضابطا ** وحقق البرهان والمغالطا

وسار في مسالك العقول ** على الطريق الواضح المعقول

فحقق الأصول والفروعا ** مقيسا العقلي والمسموعا

وانقاد طائعا لأمر الشرع ** في حكم أصل دينه والفرع

مجتهدا في طاعة الرحمن ** بالقول والفعل وبالجنان

مكمل الإيمان بالإحسان ** إلى جميع الإنس والحيوان

كيما يحوز الفوز بالجنان ** وحورها العين وبالولدان

وكل ما لم تره العينان ** وكل ما لم تسمع الأذنان

فانهض بإقدام على الأقدام ** إن كنت للعلياء ذا مرام

وشمر الساق عن اجتهاد ** مثل اجتهاد السادة العباد

واستنهض الهمة في التحصيل ** من كل شيخ عالم فضيل

وارحل إلى من يستحق الرحله ** خلف الفرات أو وراء الدجله

حيث انتهت أخباره إليكا ** فقصده محتم عليكا

واطرح رداء الكبر عن عطفيكا ** وقل لداعي العلم يالبيكا

واسع إليه ماشيا أو راكبا ** كما استطعت للتقى مصاحبا

تضع لك الأملاك من رضاها ** أجنحة وكم كذا سواها

من سنة دلت على التفضيل ** وآية في محكم التنزيل

كإنما يخشى وخذ موزونا ** هل يستوي الذين يعلمونا

وتوج العلم بتاج العمل ** مزين بحليه والحلل

فإنه له على الفحول ** من الرجال خلعة النحول

من سهر الليل على الأقدام ** بين يدي مصور الأنام

وإنه المقصود بالعلوم ** عند ذوي الفطنة والفهوم

وأخلص النية في الأعمال ** لصانع العالم ذي الجلال

فإنما الأعمال بالنيات ** وكونها لله خالصات

وليس يرضى ربنا عباده ** أشركت فيها معه عباده

فوحد القصد بها لله ** ولا تكن عن قصده باللاهي

واعمر بذكر الله قلبا خاليا ** من غيره تنل مقاما عاليا

يذكرك في الأملاك فوق الفوق ** فانتهز الفرصة ياذا الشوق

واغتنم الصلاة في الدياجي ** إن المصلي ربه يناجي

ودق بالجبهة وجه الأرض ** في الصلوات النفل بعد الفرض

يحببك ربي وتنل بحبه ** ما في الحديث من عطاء قربه

وما أجل ذا المقام وقتا ** حتى تجله وأنت أنتا

فذا المقام فهمه يهول ** تعجز عن تحقيقه العقول

وقد علمت شطحة الحلاج في ** مقاله فإثره لا تقتف

إن الطريق همة وحال ** تثمرها الأعمال لا المقال

واسلك طريق العلم والأعمال ** كلاهما محقق الآمال

هما طريق الفوز لا محاله ** يسلكها مشايخ الرساله

كالليث والجنيد والدينوري ** والعجمي والسري والثوري

جواهر الرجال في الوجود ** بعد النبيين لدى المعبود

تفز بأعلى الأجر والأحوال ** وأوضح الفتوح للرجال

وربما نلت المقام العالي ** بالكشف والتفريق بالمقال

حتى إذا قال الولي كن كذا ** كان سواء كان نفعا أو أذى

بإذن ربه وطوع قدرته ** على سبيل فضله ونعمته

كذا أتى عن سالكي الطريقه ** وكن بذاك مؤمنا حقيقه

إذ مذهب السنة وهو الأحسن ** أن كرامات الولي تمكن

لأنها وإن تكن كالمعجزه ** فالخرق بالتقييد عنها محرزه

فيها التحدي دائما معدوم ** وذاك فرق واضح معلوم

وكثرة الأخبار عنها مانعه ** كذب الجميع فهي حتما واقعه

وهذه طريقة ظريفه ** ليست سخيفة ولا ضعيفه

كنسب إتيان السخا لحاتم ** بكثرة الأخبار بالمكارم

وقد أتى بنقلها الكتاب ** واتضح الباطل والصواب

كقصة الخضر مع الكليم ** تحوي كرامات فخذ تفهيمي

مواهب تصدر عن كريم ** وعن قدير عالم حكيم

أسعد من أراد بالتقديم ** بفضله في حكمه القديم

سبحان من أنعم بالتكريم ** وقربه وفضله العميم

وما حكى من قصة لمريما ** وأنه يرزقها تكرما

يأتي إليها كل وقت رزق ** من عالم الغيب وذاك صدق

فهل بقي للاعتزال مستند ** من بعد ما بينته فيعتمد

وجاء في الآثار أيضا عن عمر ** من ذاك ما بين الرواة قد ظهر

صياحه بمنبر المدينة ** الجبل اقصده تجد كمينه

يريد إرشاد الأمير ساريه ** إلى مكايد الأسود الضاريه

وفي نهاوند أتاه الصوت ** وكاد لولاه يكون الفوت

فأسرع الأمير بالسريه ** ممتثل الأوامر المرضيه

فأدركوا الكمين خلف الجبل ** فاستأصلوه بالقنا والأسل

وامتلت الفلاة بالجماجم ** وفاز حزب الله بالغنائم

وذاك فيه الكشف والتصريف ** العلم والأسماع يا ظريف

جل الإله مظهر العجائب ** على يدي عبيده الحبائب

من جاءه يمشي أتاه هروله ** برغم أنف سائر المعتزله

ينيل أولياءه الآمالا ** وفوقها من يده تعالى

وما جرى لأحمد الرفاعي ** وشيخ كيلان كما سماعي

لما خطا في الجو فوق المنبر ** عشرا وعاد قائلا للحضر

عند ورود وارد شريف ** من حضر القدس بلا تكييف

على رقاب الأولياء رجلي ** والحكم الوارد لا المستحلي

أجابه أحمد في الرواق ** في وقته المذكور يا رفاقي

معترفا لقوله بالصدق ** وشاهدا بقوله وعتق

فقيل ماذا قال عبد القادر ** قال كذا مقال صدق ظاهر

فأرخوا مقاله فكانا ** في وقت شطح شيخنا نشوانا

كأنه من جملة الحضار ** يشاهد الميعاد بالأبصار

ما صده عن كشف هذا الحال ** بعد فجل مانح الأحوال

وذاك من كليهما كرامه ** على ارتفاع قدره علامه

وما أتى عن شيخنا السبتي ** وذاك أمر ليس بالمخفي

تأتي الكرامات على يديه ** سلام ربي دائما عليه

مهما أراد كان لا محاله ** من خالق سبحان من أناله

يقترح المرء شفاء عن مرض ** لأهله أو دفع ضر قد عرض

أو سقي بستان له أو زرع ** أو رد ما قد ضاع بين الجمع

يبذل شيئا من فتوح الفقرا ** يرى يسيرا حسب ما تيسرا

فيحصل المراد بالتلطف ** بلا تعسف ولا تكلف

كأنه أفعاله المعتاده ** وهذه لعمرك السعاده

لا الجاه والبنون والأموال ** والخيل والحمير والبغال

جميعها على الفتى وبال ** ومنتهاها أبدا زوال

لذاتها مشوبة بالألم ** نعيمها مكدر بالنقم

فحل ما من بعد من حساب ** ومن عقاب فيه أو عتاب

بل من سؤال منكر في القبر ** ومن مواقف ليوم الحشر

وخفة الميزان بالأعمال ** وخوف دقة الصراط العالي

وهول أحوال لظى نيران ** نعوذ بالله من الخسران

نسأل رب العرش والعباد ** بالمصطفى الهادي إلى الرشاد

إلهامنا طرائق السداد ** من قول أو فعل أو اعتقاد

وعفوه لنا وللأجداد ** وسائر الأهلين والأولاد

والمسلمين حيهم والغادي ** تحت الثرى في باطن الألحاد

من كل ذنب سالف وآت ** برحمة منه إلى الممات

فإنه المرجو والمأمول ** والملتجى إليه والمسؤول

لا راحم سواه قط يقصد ** ولا إله غيره فيعبد

كل إلى رحمته فقير ** وفي يدي عقابه أسير

في كل ممكن له تقدير ** وهو به وغيره خبير

وهو على ما شاءه قدير ** والنفع والضر به يصير

لا مشبه له ولا نظير ** ولا شريك لا ولا وزير

فرد قديم واجب بالذات ** منزه بالذات والصفات

أرسل خير الخلق في الآفاق ** مكملا مكارم الأخلاق

محمدا خاتم رسل ربنا ** مبشرا ومنذرا ومحسنا

صلى عليه ربنا وسلما ** ما لاح فجر طالع وكرما

وآله وصحبه الأخيار ** الطيبين السادة الأطهار

ولما ظهر السؤال الذي أظهره بعض المعتزلة وكتم اسمه وجعله على لسان بعض أهل الذمة وهو

أيا علماء الدين ذمي دينكم ** تحير دلوه بأوضح حجة

إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم ** ولم يرضه مني فما وجه حيلتي

دعاني وسد الباب عني فهل إلى ** دخولي سبيل بينوا لي قضيتي

قضى بضلالي ثم قال ارض بالقضا ** فها أنا راض بالذي فيه شقوتي

فإن كنت بالمقضي يا قوم راضيا ** فربي لا يرضى لشؤم بليتي

وهل لي رضا ما ليس يرضاه سيدي ** وقد حرت دلوني على كشف حيرتي

إذا شاء ربي الكفر مني مشيئة ** فها أنا راض باتباع المشيئة

وهل لي اختيار أن أخالف حكمة ** فبالله فاشفوا بالبراهين حجتي

ويقال إن هذا الناظم هو ابن البققي الذي ثبت عليه أقوال تدل على الزندقة وقتل بسيف الشرع الشريف في ولاية الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري

وكان مقصد هذا السائل الطعن على الشريعة فانتدب أكبر علماء مصر والشام لجوابه نظما منهم الشيخ علاء الدين فقال فيما أنشدنا عنه الشيخ ناصر الدين البساسي من لفظه قال أنشدنا الشيخ علاء الدين الباجي لنفسه من لفظه

أيا عالما أبدى دلائل حيرة ** يروم اهتداء من أهيل فضيلة

لقد سرني أن كنت للحق طالبا ** عسى نفحة للحق من سحب رحمة

فبالحق نيل الحق فالجأ لبابه ** كأهل النهى واترك حبائل حيلتي

قضى الله قدما بالضلالة والهدى ** بقدرة فعال بلا حكم حكمة

إذا العقل بل تحسينه بعض خلقه ** وليس على الخلاق حكم الخليقة

وأفعالنا من خلقه كذواتنا ** وما فيهما خلق لنا بالحقيقة

ولكنه أجرى على الخلق خلقه ** دليلا على تلك الأمور القديمة

عرفنا به أهل السعادة والشقا ** كما شاءه فينا بمحض المشيئة

كإلباس أثواب جعلن أمارة ** على حالتي حب وسخط لرؤية

تصاريفه فينا تصاريف مالك ** سما عن سؤال الكيف والسببية

أمات وأحيا ثم صار معافيا ** وقبح تحسين العقول الضعيفة

فكن راضيا نفس القضاء ولا تكن ** بمقضي كفر راضيا ذا خطيئة

وتكليفنا بالأمر والنهي قاطع ** لأعذارنا في يوم بعث البرية

فعبر بسد أو بفتح وعد عن ** ضلالة تشكيك بأوضح حجة

وقد بان وجه الأمر والنهي واضحا ** ولا شك فيه بل ولا وهم شبهة

قلت هذا الجواب هو حاصل كلام أهل السنة وخلاصته أن الواجب الرضا بالتقدير لا بالمقدور وكل تقدير يرضى به لكونه من قبل الحق

ثم المقدور ينقسم إلى ما يجب الرضا به كالإيمان وإلى ما يحرم الرضا به ويكون الرضا به كفرا كالكفر إلى غير ذلك

وقد أخذ أهل العصر هذا الجواب فنظموه على طبقاتهم في النظم والكل مشتركون في جواب واحد ونحن نسوق ما حضرنا من الأجوبة

جواب الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي

سؤالك يا هذا سؤال معاند ** يخاصم رب العرش باري البرية

وهذا سؤال خاصم الملأ العلي ** قديما به إبليس أصل البلية

وأصل ضلال الخلق من كل فرقة ** هو الخوض في فعل الإله بعلة

فإن جميع الكون أوجب فعله ** مشيئة رب العرش باري الخليقة

وذات إله الخلق واجبة بما ** لها من صفات واجبات قديمة

فقولك لي قد شاء مثل سؤال من ** يقول فلم قد كان في الأزلية

وذاك سؤال يبطل العقل وجهه ** وتحريمه قد جاء في كل شرعة

وفي الكون تخصيص كثير يدل من ** له نوع عقل أنه بإرادة

وإصداره عن واحد بعد واحد ** إذ القول بالتجويز رمية حيرة

ولا ريب في تعليق كل مسبب ** بما قبله من علة موجبية

بل الشأن في الأسباب أسباب ما ترى ** وإصدارها عن حكم محض المشيئة

وقولك لم شاء الإله هو الذي ** أضل عقول الخلق في قعر حفرة

فإن المجوس القائلين بخالق ** لنفع ورب مبدع للمضرة

سؤالهم عن علة السر أوقعت ** أوائلهم في شبهة الثنوية

وإن ملاحيد الفلاسفة الألى ** يقولون بالعقل القديم لعلة

بغوا علة للكون بعد انعدامه ** فلم يجدوا ذاكم فضلوا بضلة

وإن مبادي الشر في كل أمة ** ذوي ملة ميمونة نبوية

تخوضهم في ذاكم صار شركهم ** وجاء دروس البينات لفترة

ويكفيك نقضا أن ما قد سألته ** من العذر مردود لدى كل فطرة

وهبك كففت اللوم عن كل كافر ** وكل غوي خارج عن محجة

فيلزمك الإعراض عن كل ظالم ** من الناس في نفس ومال وحرمة

ولا تغضبن يوما على سافك دما ** ولا سارق مالا لصاحب فاقة

ولا شاتم عرضا مصونا وإن علا ** ولا ناكح فرجا على وجه زنية

ولا قاطع للناس نهج سبيلهم ** ولا مفسد في الأرض من كل وجهة

ولا شاهد بالزور إفكا وفرية ** ولا قاذف للمحصنات بريبة

ولا مهلك للحرث والنسل عامدا ** ولا حاكم للعالمين برشوة

وكف لسان اللوم عن كل مفسد ** ولا تأخذن ذا جرمة بعقوبة

وسهل سبيل الكاذبين تعمدا ** على ربهم من كل جاء بفرية

وهل في عقول الناس أو في طباعهم ** قبول لقول النذل ما وجه حيلتي

كآكل سم أوجب الموت أكله ** وكل بتقدير لرب المشيئة

فكفرك يا هذا كسم أكلته ** وتعذيب نار بعد جرعة غصة

ألست ترى في هذه الدار من جنى ** يعاقب إما بالقضا أو بشرعة

ولا عذر للجاني بتقدير خالق ** كذلك في الأخرى بلا مثنوية

فإن كنت ترجو أن تجاب بما عسى ** ينجيك من نار الإله العظيمة

فدونك رب الخلق فاقصده ضارعا ** مريدا لأن يهديك نحو الحقيقة

وذلل قياد النفس للحق واسمعن ** ولا تعص من يدعو لأقوم رفعة

وما بان من حق فلا تتركنه ** ولا تعرضن عن فكرة مستقيمة

وأما رضانا بالقضاء فإنما ** أمرنا بأن نرضى بمثل المصيبة

كسقم وفقر ثم ذل وغربة ** وما كان من مؤذ بدون جريمة

وأما الأفاعيل التي كرهت لنا ** فلاهن مأتي في رضاها بطاعة

وقد قال قوم من أولى العلم لا رضا ** بفعل المعاصي والذنوب الكريهة

وقال فريق نرتضي بقضائه ** ولا نرتضي المقضي لأقبح خلة

وقال فريق نرتضي بإضافة ** إليه وما فينا فيلقى بسخطه

فنرضى من الوجه الذي هو خلقه ** ونسخطه من وجه اكتساب بحيلة

جواب الأديب ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر

سألت ولم تعرف وكم من مباحث ** جرت من أهيل العلم في ذي الحقيقة

وما أنت يا ذمي مبتكر كما ** توهمته من دون ماضي البرية

نعم كل شيء كائن بقضائه ** وتقديره حتما بأوضح حجة

وهل واقع ما لا يشاء بملكه ** لقد ضل من ذا رأيه في القضية

وإن الرضا غير القضاء فلا تكن ** تنازع فيما شاءه من مشيئة

له المحو والإثبات جل جلاله ** فلا تعترض في حكمه وتثبت

وكن بجوابي مسلما ومسلما ** وكن باتباع الحق من خير أمة

جواب الشيخ شمس الدين بن اللبان

ألا بعد حمد الله باري البرية ** على ما هدانا من كتاب وسنة

بأفضل مبعوث إلى خير أمة ** عليه من الرحمن أزكى تحية

فإن صحيحا كون ما شاء ربنا ** ونفي سوى ما شاءه من مشيئة

ولم يرض كفر العبد أي لا يحبه ** له لا ولا يثني عليه بمدحه

وحيلة من لم يهده الله أنه ** يلاحظ وجه العجز في كل لحظة

وينفي القذى عن عين فكرته ولا ** يميل بأسباب الحجى عن محجة

ويجهد كل الجهد في قصد ربه ** بصدق وعزم وابتهال وحرقة

وحينئذ يرجى له فتح كل ما ** غدا مرتجا من باب فضل ورحمة

فإن قضاء الله يطلق تارة ** بكفر وإيمان فيحفى لحكمة

وآونة يجري تعلقه بنا ** على سبب نعتاده كالشريطة

كسم لموت أو دواء لصحة ** وطوع وعصيان لسعد وشقوة

وقد جعل الله الحكيم لعبده اختيارا ** لأسباب الرضا والقطيعة

ويسره من بعد هذا لما قضى ** عليه ليمضي فيه حكم المشيئة

وقطع لسان الإعتراض ونفي لم ** ولبس جميل الصبر عند المصيبة

وأما رضانا بالقضاء فواجب ** ومعناه تسليم لحكم المشيئة

وكونك ترضى بالشقاء شقاوة ** لأنك لا تدري القضاء بأية

وآيته أن تخلي القلب من هوى ** وترضى بإيمان صحيح العقيدة

وترضى بما يرضى الله وبالذي ** قضاه وتلغي حيرة بعد حيرة

وقولك ربي إن يشا الكفر شئته ** صحيح كذا إن شئت إحداث توبة

وثبت تثبيتا مشيئته لها ** كما بان بالمعلول تأثير علة

وأنت فعاص حين خالفت أمره ** وإن كنت قد وافقت حكم الإرادة

وللعبد لا شك اختيار فقائل ** بتأثيره مع قدرة أزلية

وآخر قال الفعل مشتمل على ** خصوص صفات مثل حج وزنية

للفاعل التأثير في كونه زنا ** وحجا وأصل الفعل فعل القديمة

ومذهب أهل الحق والأشعر أنه ** ليس بتأثير بحادث قدرة

ولله خلق الفعل والقدرة التي ** تقارنه للعبد كالسبيبة

وهذا اختيار ماله أثر به ** علينا غدا لله أعظم حجة

وجملة ما فصلته لك راجع ** إلى أننا ملك لباري البرية

جواب الشيخ نجم الدين أحمد بن محمد الطوسي تغمده الله برحمته

ألا أصغ يا ذمي إن كنت سامعا ** جواب سؤال رمته بالأدلة

ودبر بعقل مدرك سر ما بدا ** بإنشاء رب الكون في كل حالة

فأوجد كل الكائنات بعلمه ** وقدرته جبرا لمحض الإرادة

تصرف في مخلوقه بمراده ** لما شاء لا يدري خفي النهاية

فأبدع كل الكون من حيث لم يكن ** له صورة موجودة في البداية

سؤالك يا هذا فليس بوارد ** لإيراثه إظهار كل قبيحة

تصرف مملوك بإنشاء مالك ** على فعله بالنفع ثم المضرة

وإقداره فهم الحقائق كلها ** وتمييزه بين العطاء ومنحة

وتشريكه في ملكه ومراده ** ونسبته بالقبح في بعض خلقة

وإبدائه منع التصرف في الورى ** وإلزامه إبداء كل صنيعة

على وفق معلوم الخليقة كلها ** وذا شقوة تبدي خلائل زلة

وكل الذي قلنا مساخط ربنا ** كرد عبيد فعل مولاه بالتي

فما لم نشاهد نفعه ليس منكرا ** كموت خليل عند تلسيع حية

ولا ظلم عند السلب قدرة خلقه ** وإلزامه ما لم يدع في الجبلة

لإيجاده أشياء من غيب علمه ** وأحيا بها جودا وجودا برأفة

فيفعل في مخلوقه ما مراده ** وإن خفت من ذا ظواهر حكمة

فلولا يقول الله بالكسب معلنا ** لما جاء تخصيص لفعل بنسبة

إذا ذات مخلوق مجازا وغيره ** لتنصيصه جزما بنفي المشيئة

فلا ينظر الراؤون إلا بعقلهم ** قياسات وهم عاهدوها بعادة

كقيد غلام ثم أمر بمشية ** قبيح وذا من ملحقات السفاهة

وهذا قيسا باطل في فعاله ** إذ الكل موجود بحكم الإرادة

ولو قيل هذا قيل لم أوجد الورى ** فأعدمه من بعد حين بذلة

تنزه عن نفع وضر بفعله ** وذا قول من يجري بضرب بدرة

هو الخالق الرحمن كلا وجملة ** وبين في المنشا بعين حصيفة

بما شاء من أنواره وحياته ** وتسيير بعض في حنادس ظلمة

ورتب أجزاء الوجود محققا ** من الفعل والأرواح في بدو فطرة

وأبدى محلا ثالثا في انتهائها ** لإظهار أسرار الغيوب الغريبة

وأبدع بعد الكل مظهر وصفه ** وكمله فهما وعلما بعزة

وعرفه ما شاء من كونه له ** وطاعته في أمره المستديمة

وذاك هو الإنسان أفخر خلقه ** على كل كون بارتفاع وزلفة

فأعطاه عقلا يفهم الخير والتقى ** ويثبت باريه بأوضح حجة

وعلما وسمعا ثم نورا به يرى ** مراتب أشكال بدت في الشهادة

وخيره فيما يريد لنفسه ** بما احتاج إصلاحا لقومه صورة

ومكنه فيما يروم تكسبا ** بآثار فضل من نتائج نفحة

وركب فيه قوة غضبية ** لدفع الأذى من موبقات البلية

وتمم فيه شهوة سبعية ** لجلب مرادات له في الغريزة

فيثبت ما محبوبه لمراده ** ويدفع ما مبغوضه لشكيمة

فكلفه الرحمن بالشرع بعدما ** نفى عنه كل النقص في أصل خلقة

فلما سرى في مهمه النفس والهوى ** وخاض بحار الجهل من غير ريبة

أنت رسل من عند باريه معلنا ** مناهج ما أبدى لنفس منيرة

وأوجب إتباع الرسول على الورى ** وكلفهم إثبات فرض وسنة

وبين أن الكل من عنده بدا ** وطاعته حتم لكل البرية

قضى أزلا بالكفر والجهل والنوى ** لبعض فلا ينفعه قفوى الشريعة

وآخر مفطور صفى معارض ** إجازة كل المدركات بقوة

ولم يعلم المقتضي علم قضائه ** ليتبعه فيما أراد برأفة

ولكن لما مال نفس خسيسة ** إلى عدم الإسلام والتبعية

أضاف إلى الباري إرادة فعله ** وليس له علم بذا في الحقيقة

وأبقاؤها في الكفر ليس أمارة ** على أنها من بابه بطريدة

فقد عاش شخص كافرا طول عمره ** فأدركه سبق له بالسعادة

فأسلم ثم أمحى جلائل ذنبه ** فصار بفضل الله من أهل جنة

وآخر في الإسلام أذهب عمره ** بورد وأذكار وإكثار حجة

فأدركه سبق الكتاب بعلمه ** فصيره من أهل ذل وشقوة

وهذا هو الحكم المحقق دائما ** خفي على الألباب والألمعية

بيان وقوع الحكم من أول الدنا ** إلى آخر الأعصار في كل ذروة

فيا أيها الذمي هل أنت عارف ** بكفرك حتما عند أهل الشريعة

لتحكم أن الله بالكفر قاضيا ** ولم يرضه حاشاه في كل ملة

إذا كان قاضي الكفر في بدء خلقه ** فليس له تغيير حكم الإرادة

لقول نبي الله ما جف سابقا ** لتحقيق ما أبدى بحكم المشيئة

فليس لنا جزم بأنك كافر ** ولا حتم بالإسلام في كل حقبة

ولكن يبين الحكم قرب انتقاله ** بآية خير أو بسوء الأمارة

فإن كنت من أهل السعادة آخرا ** فما ضرك التهويد قبل الإنابة

وإن كنت من أهل الشقاوة واللظى ** فلا لك نفع إن أتيت بتوبة

فليس بمعلوم قضا الحكم جازما ** ولا عدم الرضوان حتما لشقوة

بل أعطاك عقلا ثم فهما محققا ** وأعلن منهاجا حوى كل خصلة

تشهد وجز تحت الشريعة مؤمنا ** بقدرتك الخيرية المستخيمة

كما أنت مختار لنفسك كل ما ** تحاوليه من مشبهات وشهوة

فإن لم تقل بالنسخ كنت مكذبا ** بما جاء موسى من بيان وشرعة

لرفعهما أحكام من كان قبله ** كتزويج بعض بين أخت بإخوة

وإن كنت بالنسخ المحقق قائلا ** فتابع لشرع حاز كل مليحة

وإن قلت بالنسخ المخصص واقعا ** فذا هو ترجيح بغير الأدلة

فهل أنت ساع إن أتتك خصاصة ** بوسعك حوبيا لاتقاء جوعة

وهل أنت إن فاجاك فعل منافر ** بقتل ونهب أو بشر وفتنة

تكون مضيفا كل ذاك حقيقة ** إلى الخالق الرحمن في كل لحظة

وإن كنت مختارا لنفسك عزها ** فبشر لها حتما بقول الشهادة

إذ الخاص ملزوم من العام مطلقا ** يبين هذا في دلائل حكمة

وإن كنت تسعى في بلائك مسرعا ** وتدفع ما لاقاك من كل هفوة

فلبست حينئذ بافك ولم تكن ** بفعل إله راضيا بالحقيقة

دعاك ولم ينسد دونك بابه ** فلج فيه واطلب منه خير الطريقة

فلو كنت مخلوقا لإسعار ناره ** فلا نفع في إقفاء كل شريعة

رضاؤك في هذا كلا شيء هاهنا ** لأنك مقبوض على شر قبضة

فأوجب رب الكائنات الرضا بما ** قضاه وأبداه بعلم وقدرة

ولم يرض أن ترضى بمقضيه كذا ** نهاك عن الفحشاء في كل لمحة

فليس الرضا عما نهاك رضاؤه ** ولكن رضاه في اتباع الإرادة

لما لاح بعد الكون عند وجوده ** لرؤية مكنون سرى في السجية

إذا شاء منك الكفر كنت معاندا ** ولم تقبل الشرع الجليل بخشية

وجود الرضا حسب القضا منك لا رضا ** فلا صدق في إقفاء حكم المشيئة

تناولك العمر القديم بصورة ** لإمضاء حكم بل لتركيب حجة

فليس اختيار في خلاف قضائه ** ولا عدل عن أحكامه لعزيمة

بل أعطاك حولا ثم كسبا محققا ** وجاد بأنعام الفهوم العميمة

فما قلت يا ذمي قول مسفسط ** فليس له عند العقول بعبرة

فلا دخل في قول الإله وفعله ** فيختار ما يختار من كل فعلة

ولا نجح فيما رمت إذ هو حسرة ** حوتها نفوس قسطها من شقاوة

جوابك يا ذمي أعداد ستة ** وتسعين بيتا من جواهر صنعتي

تروم دحاض الحق ويحك طامعا ** بأبياتك المدحوضة المستحيلة

إلهي تعطف وارحم العبد أحمدا ** بطوس بدت فيها له من ولادة

يخوض بحار العلم والحكم التي ** هي الغاية القصوى بنور العناية

بما نال من أحوال رفعة شيخه ** من الوجد والإجلال وقت الإنابة

أحاط بما أبدى من العلم والهدى ** بتعريفه ذا من جلائل نعمة

فمن مال صدقا نحو حضرته التي ** هي الملجأ الأقصى لكل سريرة

يحيط بأسرار وجل معارف ** يكون سراها روح روح قريرة

أيا ناظرا في ذا الجواب لفهمه ** تدبر بعلم لا تكن متفوت

وطبق معاني اللفظ من كل موطن ** لإدراجنا فيه فضائل جمة

فلا تك ممن واخذ الغير قبل أن ** يحقق ما أنشا بحسن الروية

تكون مسيئا عند من أوجد النهى ** وخصصها بالفهم في كل ساعة

على سيد الكونين منا صلاته ** نفوز بها يوم الجزاء بزلقة

جواب الشيخ علاء الدين القونوي الذي وعدت بذكره في ترجمته السابقة

حمدت إلهي قبل كل مقالة ** وصليت تعظيما لخير البرية

وحاولت إبداع النصيحة منصفا ** لمن طلب الإيضاح في حل شبهة

فأول ما يلقى إلى كل طالب ** لتحقيق حق واتباع حقيقة

يزوع الذي في كل عقد وشبهة ** يصد عن الإمعان في نظم حجة

وإلقاء سمع واجتناب تعنت ** فلا خير في المستمحن المتعنت

إذا صح منك الجد في كشف غمة ** بليت بها فاسمع هديت لرشده

صدقت قضى الرب الحكيم بكل ما ** يكون وما قد كان وفق المشيئة

وهذا إذا حققته متأملا ** فليس يسد الباب من بعده دعوة

لأن من المعلوم أن قضاءه ** بأمر على تعليقه بشريطة

يجوز ولا يأباه عقل كما ترى ** حدوث أمور بعد أخرى تأدب

كما الري بعد الشرب والشبع الذي ** يكون عقيب الأكل في كل مرة

وليس ببدع أن يكون معلقا ** قضاء الإله الحق رب الخليقة

بكفرك مهما كنت بالبغي رافضا ** تعاطي أسباب الهدى مع مكنة

فمن جملة الأسباب فيما رفضته ** مع الأمر والإمكان لفظ شهادة

فأنت كمن لا يأكل الدهر قائلا ** أموت بجوع إذا قضى لي بجوعتي

فلو أنتم أقبلتم بضراعة ** إلى الله والدين القويم الطريقة

ووفيتم حسن التأمل حقه ** وأحسنتم الإمعان في كل نظرة

لكان الذي قد شاءه الله من هدى ** وليس خروج عن قضاء بحالة

ألا نفحات الرب في الدهر جمة ** ولكن تعرض كي تفوز بنفحة

ولا تتكل واعمل فكل ميسر ** لما هو مخلوق له دون ريبة

ولو كنت أدري أن ذهنك قابل ** لفهم كلام ذي غموض ودقة

لأشبعت فيه القول بسطا محققا ** على نمطي علمي كلام وحكمة

ولكنما المقصود إقناع مثلكم ** فهناك قصيرا من فصول طويلة

ولولا ورود النهي عن هذه التي ** سألت لصار الفلك في وسط لجة

فها أنا أطوي ما نشرت بساطه ** وأستغفر الله العظيم لزلتي

1395 علي بن محمد بن علي بن وهب بن مطيع محب الدين بن شيخ الإسلام تقي الدين

مولده بقوص سنة سبع وخمسين وستمائة

وسمع من والده وغيره وحدث بالقاهرة

وكان فقيها فاضلا درس بالفاضلية والكهارية والسيفية بالقاهرة

وعلق عل التعجيز شرحا لم يكمله

توفي سنة ست عشرة وسبعمائة

1396 علي بن محمد بن محمود بن أبي العز بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم ظهير الدين الكازروني البغدادي

مولده سنة إحدى عشرة وستمائة

وسمع الحديث من الأمير أبي محمد الحسن بن علي بن المرتضى وأبي عبد الله محمد ابن سعيد الواسطي وغيرهما

وكان حيسوبا فرضيا مؤرخا شاعرا

وله كتاب النبراس المضيء في الفقه وكتاب المنظومة الأسدية في اللغة وكتاب روضة الأريب في التاريخ

وله شعر حسن

توفي في حدود السبعمائة

1397 علي بن هبة الله بن أحمد بن إبراهيم بن حمزة نور الدين بن الشهاب الأسنائي

أخذ الفقه عن الشيخ بهاء الدين القفطي والشيخ جلال الدين الدشناوي بالصعيد

وسمع الحديث من الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وحفظ مختصر مسلم للحافظ المنذري ودرس بقوص

وتوفي بها سنة سبع وسبعمائة

1398 علي بن محمد بن منصور بن داود الأرجيشي

نسبة إلى أرجيش بالفتح ثم السكون وكسر الجيم وتاء ساكنة وشين معجمة قال ياقوت في معجم البلدان هي مدينة قديمة من نواحي أرمينية الكبرى

تفقه للشافعي وأقام بحلب معيدا بمدرسة الزجاجين قانعا باليسير من الرزق فإذا زيد شيئا لم يقبله ويقول في الواصل إلي كفاية وكان مقدار ذلك اثنى عشر درهما

قام لقيته وأقمت معه بالمدرسة فوجدته كثير العبادة والصمت

1399 علي بن يعقوب بن جبريل

الشيخ نور الدين البكري

أبو الحسن المصري

كان يذكر نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه

سمع مسند الشافعي من وزيره بنت المنجا

وصنف كتابا في البيان

وكان من الأذكياء سمعت الوالد رحمه الله يقول إن ابن الرفعة أوصى بأنه يكمل شرحه على الوسيط

وكان رجلا خيرا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وقد واجه مرة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بكلام غليظ فأمر السلطان بقطع لسانه فحكى إلى الوالد رحمه الله فيما كان يحكيه من محاسن الشيخ صدر الدين بن المرحل وقوة جنانه أنه بلغه الخبر وهو في زاوية السعودي فركب حمارا وصعد في الحال إلى القلعة فرأى البكري وقد أخذ ليمضي فيه ما أمر به السلطان فاستمهل صاحب الشرطة ثم صعد الإيوان والسلطان جالس بغير إذن وأخذ في النحيب والبكاء ولم يزل يشفع فيه ويضرع حتى قبل السلطان شفاعته فيه وخرج سالما والقضاء حضور لا يقدر واحد منهم أن يواجه السلطان بكلمة لشدة ما كان حصل للسلطان من الغيظ

توفي البكري في سابع شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وسبعمائة

ومولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة

1400 عمر بن أحمد بن أحمد بن مهدي المدلجي الشيخ عز الدين النشائي

كان فيها كبيرا ورعا صالحا

درس بالفاضلية والكهارية بالقاهرة

وسمع من الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره

وله إشكالات على الوسيط وفوائد كثيرة

وعليه تفقه شيخنا مجد الدين الزنكلوني

توفي بمكة في ذي الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة

1401 عمر بن محمد بن عبد الحاكم بن عبد الرزاق

شيخنا قاضي القضاة زين الدين أبو حفص ابن البلفيائي

جبل فقه منيع يرد عنه الطرف وهو كليل وفارس بحث يناديه لسان الإنصاف ما على المحسنين من سبيل وطود علم رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا ينال طويل

مجموع لشوارد الفقه جموع وأصل موضوع متكاثر الفروع

مولده بعد الثمانين والستمائة

وسمع من أبي المعالي الأبرقوهي وعلي بن محمد بن هارون وعلي بن عيسى بن القيم وغيرهم

وقد خرجت له أيام تفقهي عليه أجزاء من مروياته حدث بها

وكان الوالد يجله ويعظمه في الفقه كان بين يدي الوالد في دروس القاهرة ثم ولي قضاء القضاة بحلب فأقام بها أشهرا ثم صرف عنها وفيه يقول إذ ذاك الشيخ زين الدين ابن الوردي

كان والله عفيفا نزها ** وله عرض عريض ما اتهم

وهو لا يدري مدارة الورى ** ومداراة الورى أمر مهم

وورد دمشق فولاه الوالد تدريس المدرسة النورية بحمص فأقام بها مدة ثم دخل مصر وحضر الدروس على عادته ثم ولي قضاء البر ثم ولي قضاء صفد فحضر إليها وبها توفي في أول شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة

وله شرح على مختصر التبريزي ذكر فيه لنفسه مباحث يسيرة

1402 عمر بن مظفر بن محمد بن أبي الفوارس

الشيخ الفقيه الأديب النحوي

زين الدين ابن الوردي

تفقه على قاضي القضاة شرف الدين البارزي

وولي القضاء في بلاد حلب ثم ترك وأقام بحلب

ومن تصانيفه نظم الحاوي وهو حسن جدا وله فوائد فقهية منظومة وأرجوزة في تعبير المنامات واختصار ملحة الإعراب وغير ذلك وشعره أحلى من السكر المكرر وأغلى قيمة من الجوهر

توفي في سابع عشري من ذي الحجة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بحلب في الطاعون

وله في الطاعون رسالة بديعة

أنشدنا لنفسه إجازة

لا تقصد القاضي إذا أدبرت ** دنياك واقصد من جواد كريم

كيف ترجي الرزق من عند من ** يقضي بأن الفلس مال عظيم

وأيضا

قلت وقد عانقته ** عندي من الصبح قلق

قال وهل يحسدنا ** قلت نعم قال انفلق

وأيضا

لما رأى الزهر الشقيق انثنى ** منهزما لم يستطع لمحه

وقال من جا فقلنا له ** جاء شقيق عارضا رمحه

وأيضا

دهرنا أمسى ضنينا ** باللقا حتى ضنينا

يا ليالي الوصل عودي ** واجمعينا أجمعينا

وأيضا

رأيت في الفقه سؤالا حسنا ** فرعا على أصلين قد تفرعا

قابض شيء برضا مالكه ** ويضمن القيمة والمثل معا

يعني إذا استعار المحرم صيدا فأتلفه فإنه يلزمه القيمة لمالكه والمثل لله تعالى

وأيضا

وأغيد يسألني ** ما المبتدا والخبرا

مثلهما لي مسرعا ** فقلت أنت القمر

وأيضا

من ترى علمها على مهى ** وحشاها من نفار من حشاها

ضرة للشمس والبدر فلو ** أدركتها ضرتاها ضرتاها

بك يا عاشق منها شبهة ** لو أباحت لك فاها لكفاها

وسويداؤك فيها غلة ** لو تدانت شفتاها شفتاها

غض من طرفيك إن قابلتها ** كل نفس مقتلاها مقتلاها

ليس يدري الأمر من لم يرها ** ودرى من قد رآها قدر آها

وله أيضا في مليح خليفة

يا أمير المؤمنين اعطف ولا ** تحتجب عنا بمن قد شرفك

لو كشفت الستر قبلنا الثرى ** وترحمنا على من خلفك

وله أيضا

علقت أعرابية ريقها ** شهد ولي عذاب مذاب

طرفي بها نبهان والرأس من ** شيبان والعذال فيها كلاب

وأيضا في مليح نصراني

قال زنار خصره ** كم كذا ترجع البصر

قلت لا تنفرد به ** لك شد ولي نظر

وله أيضا دوبيت

إن بكت لي الوشاة عينا عينا ** من مثلك نحوهم وحرنا حرنا

أو شبهك الأنام غصنا غصنا ** في لومهم فأنت معنى معنا

وأيضا موشح

مذهبي حب رشا ذي جسد مذهب ** قد حبي حسنا به يستعذب القدح بي

عاذلا ما أنت فيما قلته عادلا **

سائلا يخبرك دمع قد همى سائلا **

أه لا تعذل فما قلبي لذا آهلا **

منصبي والعقل أذهبتهما من صبي ** ما ربي إلا وقد ربي به ما ربي

1403 عمر بن أبي الحرم بن عبد الرحمن بن يونس الشيخ زين الدين ابن الكتاني

الفقيه الأصولي شيخ الشافعية الشيخ زين الدين

ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة

وحدث عن ابن عبد الدائم بالإجازة وقرأ أصول الفقه على البرهان المراغي بدمشق وأقام بدمشق مدة ثم انتقل إلى مصر وتولى قضاء المحلة فانصرف إليها وأقام بها مدة ثم عاد إلى القاهرة ودرس للمحدثين بالقبة المنصورية وشاع اسمه حتى ضربت به الأمثال

وكان قد ولع في آخر عمره بمناقشة الشيخ محيي الدين النووي وأكثر من ذلك وكتب على الروضة حواشي وقف والدي أطال الله عمره على بعضها وأجاب عن كلامه

توفي بمسكنه على شاطئ النيل في خامس عشر شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

وكان بينه وبين الشيخ الإمام الوالد رحمه الله ما يكون بين الأقران ولم يحفظ أحد عن الشيخ الإمام في حقه كلمة سوء وقد كان الشيخ الإمام رحمه الله لا يغتاب أحدا لا ابن الكتاني ولا غيره

وحدثني الشيخ ناصر الدين محمد بن محمود البساسي أعاد الله علينا من بركاته قال جرت بينهما مناظرة فنقل الشيخ الإمام عن الشيخ أبي إسحاق مسألة في الأصول ثم انصرفا قال ناصر الدين فرآني ابن الكتناني فقال لي قل لصاحبك يعني الشيخ الإمام الذي نقلته عن الشيخ ليس هو في اللمع

قال ناصر الدين فجئت فوجدت الشيخ الإمام راكبا فحدثته فقال هات دواة فأخذت له دواة من الكتاب فكتب

سمعت بإنكار ما قلته ** عن الشيخ إذ لم يكن في اللمع

ونقلي لذلك من شرحه ** وخير خصال الفقيه الورع

لو وقفت على شرح اللمع لما أنكرت النقل فانظره فإنه كتاب نافع مفيد

حدثني الشيخ ناصر الدين قال هذا كان جوابه فأعدته على ابن الكتناني فسكت

وكان ابن الكتناني أسن من الشيخ الإمام ثم حصل للشيخ الإمام من الرواج والشهرة والعظمة في أنفس الناس ما هو جدير بأضعافه فصار بهذا السبب عند الثلاثة ابن الكتناني وابن عدلان وابن الأنصاري ما يكون بين أهل العصر ولم يكن فيهم إلا من هو أعلى سنا من الشيخ الإمام رحمهم الله

1404 عيسى بن عمر بن خالد بن عبد المحسن المخزومي مجد الدين ابن الخشاب

تفقه على شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام

وسمع من أصحاب البوصيري

وحدث بالقاهرة وولي الحسبة بالقاهرة ووكالة بيت المال ونظر الأحباس وتدريس زاوية الشافعي وتدريس الناصرية وتدريس القراسنقرية

وكان فقيها فاضلا

توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وسبعمائة

1405 فرج بن محمد بن أبي الفرج الشيخ نور الدين الأردبيلي

قرأ المعقولات بتبريز وتخرج بالشيخ فخر الدين أحمد بن الحسن الجاربردي

ثم قدم دمشق وأعاد بالبادرائية مدة ثم درس بالظاهرية البرانية ثم درس بالناصرية الجوانية والجاروخية ومات عنهما

وشغل الناس بالعلم وأفاد الطلبة

وشرح منهاج البيضاوي في أصول الفقه وشرح من منهاج النووي قطعة جيدة وقد أرسل إلي بعضها لأقف عليه فوقفت عليه

وكان فاضلا مجموعا على نفسه من أكثر أهل العلم اشتغالا بالعلم وكان ذا همة في الطلب عالية قال لي إنه كان يقرأ بتبريز الكشاف على شيخ من فضلائها وإنه كان يروح إليه في كل يوم من تبريز الصبح فيصل قريب الظهر لأن منزله كان بعيدا عن البلد وما زال حتى أكمله قراءة عليه

وحكى لي أنه وقف في بلاد العدم على كتاب للرافعي صنفه في سفرته إلى الحج سماه الإيجاز في أخطار الحجاز

وأن الرافعي قال فيه خطر لي أن من سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعة ثم سمع مؤذنا ثانيا لا يجيبه لأنه غير مدعو بهذا الأذان

وهذا بحث صحيح ومأخذ حسن ومنه يؤخذ أنه لو لم يصل استحب له الإجابة لأنه مدعو به

وهذا المأخذ أحسن من تخريج المسألة على أن الأمر هل يقتضي التكرار

توفي الشيخ نور الدين بمدرسته الجاروخية في نهار الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ودفن بباب الصغير بدمشق

1406 القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي علم الدين أبو محمد الإشبيلي

الحافظ الكبير المؤرخ أحد الأربعة الذين لا خامس لهم في هذه الصناعة

ذكره الشيخ شهاب الدين بن فضل الله في المسالك فقال ممن ولدته دمشق والفحل فحل معرق وأوجدته الأيام فسطع ضوؤها المشرق وتمخضت منه الليالي عن واحدها واحد أهل المشرق ومشى فيها على طريق واحد ما تغير عن سلوكها ولا تقهقر في سلوكها

انتهى

قلت مولده في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وستمائة

وسمع سنة ثلاث وسبعين وستمائة وهلم جرا فجمع معجمه العدد الكثير والجم الغفير منهم أبوه وأحمد بن أبي الخير وابن البخاري وابن علان والقاسم الأربلي وابن الدرجي ومن يطول ذكرهم

وكان مفيد جماعة المحدثين على الحقيقة

ولما ورد الوالد إلى الشام في سنة ست وسبعمائة كان هو القائم بتسميعه على المشايخ واستقرت بينهما صحبة فلما عاد الوالد إلى الشام في سنة تسع وثلاثين في رجب قاضيا لازمه الشيخ علم الدين إلى أوان الحج فحج ومات محرما في خليص في رابع ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة

أنشدنا القاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله إذنا قصيدته التي رثاه بها ومنها

قد كان في قاسم من غيره عوض ** فاليوم لا قاسم فينا ولا قسم

من لو أتى مكة مالت أباطحها ** به سرورا وجادت أفقها الديم

أقسمت منذ زمان ما رأى أحد ** لقاسم شبها في الأرض لو قسموا

هذا الذي يشكر المختار هجرته ** والبيت يعرفه والحل والحرم

ما كان ينكره رمي الحطيم به ** لو أخر العمر حتى جاء يستلم

له إليه وفادات تقر بها ** جبال مكة والبطحاء والأكم

محدث الشام صدقا بل مؤرخه ** جرى بهذا وذا فيما مضى القلم

يا طالب العلم في الفنين مجتهدا ** في ذا وهذا ينادى المفرد العلم

منها

وحقق النقد حتى بان بهرجه ** وصحح النقل حتى ما به سقم

وعرف الناس كيف الطرق أجمعها ** إلى النبي فما حاروا ولا وهموا

وعلم الخلق في التاريخ ما جهلوا ** وبعض ما جهولا أضعاف ما علموا

يريك تاريخه مهما أدت به ** كأن تاريخه الآفاق والأمم

أخبرنا القاسم بن محمد الحافظ إذنا بياض

1407 محمود بن بي القاسم عب الرحمن بن أحمد بن محمد الأصبهاني

شيخنا الإمام شمس الدين أبو الثناء

ولد بأصبهان سنة أربع وسبعين وستمائة

وبرع في فنون العقليات وقدم دمشق فدرس بالرواحية ثم قدم مصر فدرس بالمعزية وأقام بها إلى حين وفاته

وله التصانيف الكثيرة شرح مختصر ابن الحاجب وشرح الطوالع وشرح المطالع وناظر العين وغيرها وشرع في تفسير كبير لم يتمه أوقفني على نفسه

توفي في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بطاعون مصر

1408 محمود بن علي بن إسماعيل القونوي الشيخ محب الدين

ولد قاضي القضاة علاء الدين

درس بالمدرسة الشريفية بالقاهرة سنين كثيرة وكان فقيها فاضلا

مولده سنة تسع عشرة وسبعمائة

وصنف شرحا على مختصر ابن الحاجب وتصحيحا للحاوي الصغير ذكر فيه تصحيحات الرافعي والنووي

توفي في يوم الأربعاء ثامن عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وسبعمائة بالقاهرة ودفن بباب النصر

1409 محمود بن محمد بن إبراهيم بن جملة

الخطيب جمال الدين أبو الثناء المحجي الأصل

من قرية محجة بفتح الميم والحاء والجيم المشددة ثالثا من ناحية زرع

الصالحي المولد من صالحية دمشق

مولده تقريبا سنة سبع وسبعمائة

سمع الحديث من يحيى بن محمد بن سعد وجماعة غيره

واشتغل على عمه قاضي القضاة جمال الدين يوسف

ولما ولي عمه قضاء القضاة بالشام نزل له عن إعادة المدرسة القيمرية بدمشق واستنابه في الحكم فحكم يوما واحدا ثم صرف واستمر على إعادة القيمرية وإعادة مدرسة أم الصالح وإفادة الشامية الجوانية إلى أن مات الشيخ سيف الدين الحريري مدرس الظاهرية البرانية فولي تدريسها واستمر بها إلى طاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة توفي الخطيب تاج الدين ولد قاضي القضاة جلال الدين القزويني فولاه نائب الشام أرغون شاه خطابة الجامع المذكور فاستمر بها إلى أن مات متعففا متصونا دينا مجموعا على طلب العلم

وذكر لي أن له تعاليق في الفقه والحديث

مات يوم الاثنين العشرين من شهر رمضان سنة أربع وستين وسبعمائة وصلي عليه من الغد بالجامع الأموي ودفن بالصالحية وكان جمعا مشهودا قل أن رأيت نظيره حضرت الصلاة عليه ودفنه رحمه الله تعالى

ووقعت عندي في المحاكمات مسألة اقتضى نظري فيها أمرا حكمت به ووافقني جماعة من المفتين فرفعت إليه فتيا فيها فخالف في ذلك وأنا ذاكر كلامي وكلامه هنا فأقول بياض

1410 محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي الإمام قطب الدين الشيرازي

صاحب التصانيف شرح مختصر ابن الحاجب وشرح مفتاح السكاكي وشرح الكليات وغيرها

تخرج على النصير الطوسي وبرع في المعقولات ولازم بالآخرة الحديث سماعا ونظرا في جامع الأصول وشرح السنة للبغوي وما أشبه ذلك

مولده بشيراز سنة أربع وثلاثين وستمائة

ودخل بغداد ودمشق ومصر واستوطن بالآخرة تبريز وانقطع عن أبواب الأمراء إلى أن مات في شهر رمضان سنة عشر وسبعمائة

1411 هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم ابن هبة الله الجهني

قاضي القضاة شرف الدين ابن البارزي

قاضي حماه

ولد في خامس رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة بحماه

وسمع من أبيه وجده والشيخ عز الدين الفاروثي والشيخ جمال الدين بن مالك وجماعة

وأجازه الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ ندم الدين البادرائي والحافظ رشيد الدين العطار وأبو شامة وطائفة

انتهت إليه مشيخة المذهب ببلاد الشام وقصد من الأطراف وكان إماما عارفا بالمذهب وفنون كثيرة

له التصانيف الكثيرة منها شرح الحاوي والتمييز وترتيب جامع

4‏.‏ الأصول والمغنى ومختصر التنبيه والوفا في سرائر المصطفى

ذكره شيخنا الذهبي في المعجم المختص وقال كان عديم النظير له خبرة تامة بمتون الأحاديث وانتهت إليه رياسة المذهب

توفي في وسط ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

أخبرنا هبة الله بن عبد الرحيم الفقيه إذنا وأخبرنا عنه أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه قال أخبرنا جدي أبو طاهر سنة تسع وخمسين وستمائة أخبرنا إبراهيم ابن المظفر البرني سنة ست وتسعين وخمسمائة بالموصل أخبرنا عبد الله بن أحمد النحوي ويوسف بن محمد بن مقلد قال عبد الله أخبرنا محمد بن الحسين السمناني وقال الآخر أخبرنا عمر بن إبراهيم التنوخي قالا أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي أخبرنا ابن محمش أخبرنا محمد بن الحسن المحمدابادي حدثنا أحمد بن يوسف حدثنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ‏(‏ العمرتان تكفران ما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ‏)‏

+أخرجه مسلم والترمذي+ من طريق الثوري هذه

أفتى قاضي القضاة شرف الدين باستحباب إجابة الأذان الأول للجمعة وهو ما أفتى به الشيخ عز الدين بن عبد السلام في الفتاوي الموصلية

وقد نقل الشيخ أبو حامد عن النص كراهة الأذان الأول لها

وأفتى القاضي شرف الدين باستحباب إجابة المؤذن في الترجيع

وبأنه إذا شهد عليه رجل وامرأتان وأعطاهم أجرة يأخذ الرجل النصف والمرأتان النصف لكل منهما الربع قياسا على ما إذا شهدوا على رجل بحق مال ورجعوا يغرم الرجل النصف وكل من المرأتين الربع

وبأنه إذا وكله في الطلاق فطلق في زمن الحيض ينفذ

وبأنه إذا كان شخص نائبا في جهتين عن شخصين لم يكن له أن يطلب غريما من إحدى الجهتين إلى الأخرى وإن كان نافذ الحكم فيهما لأنه فرع عن ذينك وكل منهما لا يقدر على الطلب فكيف يجوز له مالا يجوز لأصله

وبأن النذر قربة

وبأن القاضي إذا أحرم لا يمتنع نوابه عن العقد

واستدرك قول الأصحاب أن ما يقبل التعليق من التصرفات يصح إضافته إلى بعض محل ذلك التصرف كالطلاق والعتاق ومالا فلا كالنكاح والرجعة إلا في مسألة واحدة وهي الإيلاء فإنه يقبل التعليق ولا تصح إضافته إلى بعض المحل إلا الفرج

فقال بقيت مسألة أخرى وهي الوصية فإنه يصح تعليقها ولا يصح أن تضاف إلى بعض المحل ذكره في التمييز

ولك أن تقول بقيت مسائل أخر منها أن تعليق الفسخ لا يجوز كما ذكره الرافعي في نكاح المشركات

وإذا اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا وقلنا لا يجوز إفراد المعيب بالرد فلو رده كان ردا لهما على وجه

ومنها الكفالة لا يصح تعليقها ويصح أن تضاف إلى بعض المحل على خلاف فيهما

ومنها يصح تعليق التدبير ولو قال دبرت يدك أو رجلك لم يصح التدبير على وجه

ومنها لا يصح تعليق الرجوع في التدبير إن قلنا يرجع بالقول فيه كما جزم به الرافعي

ولو قال رجعت في رأسك فهل يكون رجوعا في جميعه فيه وجهان حكماهما الماوردي

ومنها لو قال إن دخلت الدار فأنت زان لا يكون قاذفا

ولو قال زنى قبلك أو دبرك كان قاذفا

وقال في كتابه التمييز ويرفع يقين الحدث لا الطهر بالظن وهذه المسألة ليست في الوجيز ولا في التعجيز وإنما هي شيء ذكره الرافعي وتبعه عليه صاحب الحاوي الصغير وكان لابن البارزي اعتناء تام بالحاوي الصغير فتبعه في هذا

وقال لي الشيخ الإمام الوالد رحمه الله ذكر لي شيخنا ابن الرفعة قال لي شيخنا الشريف العباسي هذا المكان غلط في الرافعي ولم يفرق أحد بين المسألتين واليقين لا يرفع بالظن فيهما

1412 يحيى بن عبد الله بن عبد الملك أبو زكريا الواسطي

كان فقيها أصوليا له مصنف في الناسخ والمنسوخ

تفقه على والده

وحدث ببغداد ودرس بالمدرسة البرانية بواسط

وسمع من الفاروثي صحيح البخاري

توفي بواسط سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

1413 يحيى بن علي بن تمام بن يوسف السبكي

القاضي صدر الدين أبو زكريا

عم والدي رحمهما الله

تفقه على السديد والظهير التزمنتيين

وقرأ أصول الفقه على الفقيه الشيخ أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المالكي

وسمع الحديث من ابن خطيب المزة وغيره

وبرع في الفقه وأصوله وتولى قضاء بعض البلاد المصرية ثم درس بالمدرسة السيفية بالقاهرة واستمر بها إلى حين وفاته

توفي في سنة خمس وعشرين وسبعمائة ودفن بالقرافة

1414 يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي

من محجة من بلاد حوران الشام

قاضي القضاة جمال الدين

ولد سنة ست وثمانين وستمائة

وتفقه على الشيخ صدر الدين ابن المرحل ولازمه وبه عرف

وناب في الحكم بدمشق عن قاضي القضاة جلال الدين القزويني

ودرس بالدولعية ثم ولي قضاء القضاة بعد وفاة القاضي علم الدين الأخنائي واستمر إلى أن عمل عليه ووشي به إلى الأمير سيف الدين تنكز فعزل واعتقل بالقلعة ظلما ثم أفرج عنه بعد أشهر وولي تدريس الشامية البرانية

ثم توفي قريبا في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

وكان من أقران القاضي فخر الدين المصري

1415 يوسف بن دانيال بن منكلي بن صرفا

القاضي بدر الدين ابن القاضي ضياء الدين

قاضي الشوبك

تفقه على الشيخ تاج الدين ابن الفركاح

وسمع من الشيخ شمس الدين بن أبي عمر وابن البخاري وحدث بدمشق والكرك والشوبك

ومات في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة

1416 يوسف بن سليمان بن أبي الحسن بن إبراهيم الخطيب جمال الدين

الصوفي الشاعر

تفقه على مذهب الشافعي وقال النظم الفائق وكان سريع الجواب في النادر

وله في الوالد رحمه الله مدائح جمة

وكان سريع الجواب حسن الابتدار رأيته وقد دخل إلى الوالد يوم جاء نعي الشيخ ابن حيان فقال له الوالد رحمه الله

خبر أتى على شيخنا الأستاذ **

أجب فقال له

كان ابتداء تفتت الأكباد **

ثم انصرف إلى منزله وعاد آخر النهار وقد كمل عليه مرثية حسنة ممزوجة بمدح الشيخ الإمام

ومن شعره في فرس أدهم

وأدهم اللون فاق البرق وانتظره ** فغارت الريح حتى غيبت أثره

فواضع رجله حيث انتهت يده ** وواضع يده أنى رنا بصره

شهم تراه يحاكي السهم منطلقا ** وماله غرض مستوقف خبره

يعفر الوحش في البيداء فارسه ** وينثني وادعا لم يستتر غيره

إذا توقل قطب الدين صهوته ** رأيت ليلا بهيما حاملا قمره

ومنه

كأن ضوء البدر لما بدا ** ونوره بين غضون الغصون

وجه حبيب زار عشاقه ** فاعترضت من دونه الكاشحون

توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وسبعمائة في طاعون دمشق

وكان قد رافقنا في الحج سنة سبع وأربعين وسبعمائة وسمعت منه ثم من نظمه مالا أحققه

1417 يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك ابن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي الدمشقي

شيخنا وأستاذنا وقدوتنا

الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي

حافظ زماننا حامل راية السنة والجماعة والقائم بأعباء هذه الصناعة والمتدرع جلباب الطاعة

إمام الحفاظ كلمة لا يجحدونها وشهادة على أنفسهم يؤدونها ورتبة لو نشر أكابر الأعداء لكانوا يودونها

واحد عصره بالإجماع وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقول الأسماع والذي ما جاء بعد ابن عساكر مثله وإن تكاثرت جيوش هذا العلم فملأت البقاع

جد طول حياته فاستوعب أعوامها واستغرق بالطلب لياليها وأيامها وسهر الدياجي في العلم إذا سهرها غيره في الشهوات أو نامها

ذكره شيخنا الذهبي في تذكرة الحافظ وأطنب في مدحه وقال نظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها لم تر العيون مثله

انتهى

وذكره في المعجم المختص وأطنب ثم قال يشارك في الفقه والأصول ويخوض في مضايق المعقول فيؤدي الحديث كما في النفس متنا وإسنادا وإليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم

انتهى

ولا أحسب شيخنا المزي يدري المعقولات فضلا عن الخوض في مضايقها فسامح الله شيخنا الذهبي

وقد قدمنا في ترجمة الشيخ الإمام الوالد أني سمعت شيخنا الذهبي يقول ما رأيت أحفظ منه وأنه بلغني عنه أنه قال ما رأيت أحفظ من أربعة ابن دقيق العيد والدمياطي وابن تيمية والمزي وترتيبهم حسبما قدمناه

وأنا لم أر من هؤلاء الأربعة غير المزي ولكن أقول ما رأيت أحفظ من ثلاثة المزي والذهبي والوالد على التفصيل الذي قدمته في ترجمة الوالد

وعاصرت أربعة لا خامس لهم هؤلاء الثلاثة والبرزالي فإني لم أر البرزالي وكان البرزالي يفوقهم في معرفة الأجزاء ورواتها الأحياء وكانت الثلاثة تعظم المزي وتذعن له ويقرءون عليه ويعترفون بتقديمه

وبالجملة كان شيخنا المزي أعجوبة زمانه يقرأ عليه القارئ نهارا كاملا والطرق تضطرب والأسانيد تختلف وضبط الأسماء يشكل وهو لا يسهو ولا يغفل يبين وجه الاختلاف ويوضح ضبط المشكل ويعين المبهم يقظ لا يغفل عند الاحتياج إليه وقد شاهدته الطلبة ينعس فإذا أخطأ القارئ رد عليه كأن شخصا أيقظه وقال له قال هذا القارئ كيت وكيت هل هو صحيح وهذا من عجائب الأمور

وكان قد انتهت إليه رئاسة المحدثين في الدنيا

ومن ذكرناه من الثلاثة قد عرفناك أنهم مع علو رتبتهم يعترفون له أما الذهبي فثناؤه عليه قد أنبأناك به وقد ملأ تصانيفه وأما البرزالي فتلميذه وقارئه في دار الحديث الأشرفية وغيرها وأما الشيخ الإمام فلقد كان كثير الإجلال له كان الشيخ الحافظ يجيء في كثير من الأيام ومعه جماعة من الطلبة وجزء من سماع الشيخ الإمام وربما كان مما اشترك معه في سماعه فيقرأ على الشيخ الإمام وعليه والشيخ الإمام مع ذلك يعطيه من التعظيم ما هو مستحق له

ولقد حكى لي فيما كان يحكيه من تسكين فتن أهل الشام أنه عقب دخوله دمشق بليلة واحدة حضر إليه الشيخ صدر الدين سليمان بن عبد الحكم المالكي وكان الشيخ الإمام يحبه قال دخل إلي وقت العشاء الآخرة وقال أمورا يريد بها تعريفي بأهل دمشق

قال فذكر لي البرزالي وملازمته لي ثم انتهى إلى المزي فقال وينبغي لك عزله من مشيخة دار الحديث الأشرفية قال الشيخ الإمام فاقشعر جلدي وغاب فكري وقلت في نفسي هذا إمام المحدثين والله لو عاش الدارقطني استحيي أن يدرس مكانه

قال وسكت ثم منعت الناس من الدخول علي ليلا وقلت هذه بلدة كبيرة الفتن

فقلت أنا للشيخ الإمام إن صدر الدين المالكي لا ينكر رتبة المزي في الحديث ولكن كأنه لاحظ ما هو شرط واقفها من أن شيخها لا بد وأن يكون أشعري العقيدة والمزي وإن كان حين ولي كتب بخطه بأنه أشعري إلا أن الناس لا يصدقونه في ذلك

فقال أعرف أن هذا هو الذي لاحظه صدر الدين ولكن من ذا الذي يتجاسر أن يقول المزي ما يصلح لدار الحديث والله ركني ما يحمل هذا الكلام

فانظر عظمة المزي عنده

وكنت أنا كثير الملازمة للذهبي أمضي إليه في كل يوم مرتين بكرة والعصر وأما المزي فما كنت أمضي إليه غير مرتين في الأسبوع وكان سبب ذلك أن الذهبي كان كثير الملاطفة لي والمحبة في بحيث يعرف من عرف حال معه أنه لم يكن يحب أحدا كمحبته في وكنت أنا شابا فيقع ذلك مني موقعا عظيما وأما المزي فكان رجلا عبوسا مهيبا

وكان الوالد يحب لو كان أمري على العكس أعني يحب أن ألازم المزي أكثر من ملازمة الذهب لعظمة المزي عنده

وكنت إذا جئت غالبا من عند شيخ يقول هات ما استفدت ما قرأت ما سمعت فأحكي له مجلسي معه فكنت إذا جئت من عند الذهبي يقول جئت من عند شيخك وإذا جئت من عند الشيخ نجم الدين القحفازي يقول جئت من جامع تنكز لأن الشيخ نجم الدين كان يشغلنا فيه وإذا جئت من عند الشيخ شمس الدين ابن النقيب يقول جئت من الشامية لأني كنت أقرأ عليه فيها وإذا جئت من عند الشيخ أبي العباس الأندرشي يقول جئت من الجامع لأني كنت أقرأ عليه فيه وهكذا وأما إذا جئت من عند المزي فيقول جئت من عند الشيخ ويفصح بلفظ الشيخ ويرفع بها صوته وأنا جازم بأنه إنما كان يفعل ذلك ليثبت في قلبي عظمته ويحثني على ملازمته

وشغر مرة مكان بدار الحديث الأشرفية فنزلني فيه فعجبت من ذلك فإنه كان لا يرى تنزيل أولاده في المدارس وها أنا لم أل في عمري فقاهة في غير دار الحديث ولا إعادة إلا عند الشيخ الوالد وإنما كان يؤخرنا إلى وقت استحقاق التدريس على هذا ربانا رحمه الله فسألته فقال ليقال إنك كنت فقيها عند المزي

ولما بلغ المزي ذلك أمرهم أن يكتبوا اسمي في الطبقة العليا فبلغ ذلك الوالد فانزعج وقال خرجنا من الجد إلى اللعب لا والله عبد الوهاب شاب ولا يستحق الآن هذه الطبقة اكتبوا اسمه مع المبتدئين فقال له شيخنا الذهبي والله هو فوق هذه الدرجة وهو محدث جيد هذه عبارة الذهبي فضحك الوالد وقال يكون مع المتوسطين

هذا ما نعرفه في المزي من جهة علم الحديث

وكان كما قال الذهبي عارفا باللغة والتصريف وله مشاركة في الفقه ويخوض في شيء من مسائل الصفات في أصول الديانات ليته برئ منها

وأما المعقولات فلم يكن يدريها ولعل الذهبي خطر له أن ذلك القدر الذي كان يخوض فيه من أصول الديانات هو مضايق المعقولات وهذا ظن من لا يدري مدلول المعقولات وأنها علوم وراء علم الكلام يعرفها أهلها

وقال الذهبي في التذكرة إن المزي كان يقرر طريقة السلف في السنة فيعضد ذلك بقواعد كلامية ومباحث نظرية

قال وجرى بيننا مجادلات ومعارضات في ذلك تركها أسلم

انتهى

وليس المزي والذهبي عندنا في هذا المقام والحق أحق ما قيل وليت الذهبي فهم مدلول هذه الكلمات فإن قوله جرى بيننا معارضات في ذلك بقد قوله كان يعضد السنة كلام معناه أني عارضته في نصرة السنة فانظر لهذه العظيمة التي لو تفطن شيخنا لقائلها لأبعد عنها

واعلم أن هذه الرفقة أعني المزي والذهبي والبرزالي وكثيرا ما أتباعهم أضر بهم أبو العباس ابن تيمية إضرارا بينا وحملهم على عظائم الأمور أمرا ليس هينا وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم وأوقفهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولأصحابهم

وكان للمزي ديانة متينة وعبادة وسكون وخير

مولده في ليلة العاشر من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة بظاهر حلب

وسمع من أحمد بن أبي الخير سلامة والقاسم بن أبي بكر الإربلي وإبراهيم بن إسماعيل بن الدرجي وأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر والمقداد بن هبة الله القيسي وعمر بن محمد بن أبي عصرون والمسلم بن محمد بن علان وأحمد بن شيبان وخلق بالشام

ورحل إلى مصر فسمع من العز عبد العزيز الحراني وابن خطيب المزة وغازي الحلاوي وخلق

وسمع ببلاد كثيرة وجمع له الدراية والرواية وعلو الإسناد وحدث نحو خمسين سنة

سمع منه ابن تيمية والبرزالي والذهبي وابن سيد الناس والشيخ الإمام الوالد وخلق لا يحصون

وصنف تهذيب الكمال المجمع على أنه لم يصنف مثله وكتاب الأطراف

وقد قرأت عليه وسمعت عليه الكثير

توفي في يوم السبت ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بدار الحديث الأشرفية ودفن بمقابر الصوفية

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة وحدثني عنه أبو الحجاج الحافظ عن مسعود الجمال أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا ابن خلاد حدثنا الحارث بن محمد حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال حدثنا الحسن قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله في حديث الشفاعة ‏(‏ يقول الله تعالى وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله ‏)‏ +أخرجه البخاري+ عن سليمان

أخبرنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي بقراءتي عليه أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري قراءة عليه ونحن نسمع أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد ابن زريق أخبرنا القاضي أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الحسن بن الدجاجي أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحربي حدثنا أبو بكر القاسم بن زكريا المطرز المقري حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الضحاك بن مخلد عن سفيان عن طعمة بن غيلان عن الشعبي عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله ‏(‏ إن أبا بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي ‏)‏ +أخرجه الترمذي+ عن يعقوب الدورقي عم ابن عيينة قال ذكر داود عن الشعبي عن الحارث الأعور عن علي رفعه

وابن ماجه عن هشام بن عمار عن ابن عيينة عن الحسن بن عمارة عن فراس عن الشعب عن الحارث به

من الفوائد عنه

كتب الشيخ الإمام الوالد رضي الله عنه من الديار المصرية يسأل شيخنا الحافظ المزي ما صورته ما يقول سيدنا وشيخنا الإمام العلامة الحافظ الناقد حجة أهل الحديث فريد دهره جمال الدين أبو الحجاج المزي نفع الله به في هلال بن رداد المذكور في آخر فترة الوحي في أول البخاري ما حاله

وفيما رواه النسائي في باب غسل الرجلين باليدين قال أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة أخبرني أبو جعفر المدني سمعت ابن عثمان بن حنيف يعني عمارة قال حدثني القيسي وفي نسخة التيمي أنه كان مع رسول الله الحديث ما حال هذا الإسناد

وكذلك جاء في حديث في أول غسل الرجلين في نسخة محمد بن آدم وفي نسخة محمود بن آدم ما الصواب من ذلك يحقق لنا ذلك والله يديم النفع به

الجواب بخط شيخنا الحافظ المزي الحمد لله وسلام على عباده الذي اصطفى أما هلال بن رداد هذا فهو الطائي ويقال الكناني الشامي الكاتب روى عن الزهري وروى عنه ابنه أبو القاسم محمد بن هلال بن رداد

قال محمد بن يحيى الذهلي في حديث الزهري عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير عن ابن عباس وغيره في الطلاق حدثني به محمد بن مسلم الرازي قال حدثني أبو القاسم بن هلال بن رداد الطائي قال حدثنا أبي وكان من كتبة هشام قال سمعت ابن شهاب يقول وذكر الحديث

قال الذهلي وكان هلال بن رداد الطائي أسوقهم للحديث باقتصاصه ولم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم في كتابه وإنما ذكر ابنه محمد بن هلال بن رداد بن الكناني وقال فيه ابن أبي حاتم عن أبيه مجهول

وقال أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي صاحب الحمصيين فيمن روى عن الزهري عن أهل حمص ورداد الطائي الكاتب لم يزد على ذلك فلا أدرى هو هذا أو أبوه

وأما أبو جعفر المدني المذكور في حديث النسائي فهو عمير بن يزيد الخطمي وهو ثقة وثقة يحيى بن معين وغيره وأخرج له أصحاب السنن الأربعة في كتبهم

وأما شيخه عمارة بن عثمان بن حنيف فلم يخرج له سوى النسائي أخرج له هذا الحديث وحديثا آخر

وأما القيسي فلا يعرف اسمه وقد أخرج حديثه هذا الإمام أحمد في مسنده هكذا ولم يسمه وكذلك ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر في الأطراف

وأما النسخة التي وقع فيها التيمي فهو تصحيف

وأما محمد بن آدم فهو المصيصي روى عنه أبو داود أيضا وهو ثقة مشهور

ومحمود بن آدم تصحيف لا يعلم للنسائي ولا لغيره من الأئمة رواية عن محمود ابن آدم المروزي سوى ما حكى بعض من صنف في رجال البخاري أن محمود الذي روى عنه البخاري ولم ينسبه هو ابن آدم وقال غير واحد هو محمود بن غيلان وهو الصحيح

والله أعلم

وكتب الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي إليه من مصر يسأله ما تقول في قول الحافظ مسلم رحمه الله في خطبة كتابه فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني وعمرو بن خالد من هو عمرو بن خالد هذا ففي الضعفاء رجلان كل منهما عمرو بن خالد أحدهما أبو يوسف الأعشى والثاني أبو خالد القرشي الكوفي ثم الواسطي

وفي الخطبة أيضا في هذا الضرب من المحدثين عبد الله بن محرر ويحيى بن أبي أنيسة والجراح بن المنهال أبو العطوف وعباد بن كثير وفي الضعفاء اثنان كل منهما عباد بن كثير أحدهما الثقفي والآخر الرملي فمن أراد مسلم منهما

وفيما إذا ورد حديث لعبد الرزاق عن سفيان عن الأعمش أي السفيانين هو وإن كان أكثر روايته عن الثوري فهل يكتفى بذلك أم يحتاج إلى زيادة بيان

وفي قول النسائي في مواضع أخبرنا محمد بن منصور أخبرنا سفيان عن الزهير وللنسائي شيخان كل منهما محمد بن منصور ويروى عن ابن عيينة أحدهما أبو عبد الله الجواز المكي والثاني أبو جعفر الطوسي العابد فمن الذي عناه النسائي منهما

وفي قول النسائي أيضا في أول كتابه تأويل قوله تعالى ‏{‏إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ‏}‏ ثم ساق حديث إذا استيقظ أحدكم من نومه ما وجه مطابقة إيراده لهذا الحديث بعد هذه الترجمة

وفيما إذا طلب من شخص أن يجيز لجماعة كتبوا في استدعاء وهو أحدهم كيف يكتب هل يطلق الإجازة على العادة أم يقيدها بما يخرج نفسه منهم

أجاب شيخنا الحافظ المزي عن ذلك بما ملخصه أما عمرو بن خالد الذي ذكره مسلم في مقدمة كتابه فهو الواسطي لأنه مشهور دون الأعشى وقد ذكره مسلم في معرض ضرب المثل وإنما يضرب المثل بالمشهور دون المغمور

وأما عباد بن كثير فهو الثقفي البصري العابد نزيل مكة لا الرملي والقول فيه كالذي تقدم وأيضا فإن الرملي مختلف في تضعيفه فإن يحيى بن معين وثقه في رواية ابن ابي خيثمة عنه وأخرج له البخاري حديثا في كتاب الأدب له

وأما سفيان الذي روى عنه عبد الرزاق فهو الثوري لأنه أخص به منه ابن عيينة ولأنه إذا روى عن ابن عيينة ينسبه وإذا روى عن الثوري فتارة ينسبه وتارة لا ينسبه وحين لا ينسبه إما أن يكتفي فكونه روى له عن شيخ لم يرو عنه ابن عيينة فيكتفي بذلك تمييزا وهو الأكثر وإما أن يكتفى بشهرته واختصاصه به وهذه القاعدة جارية في غالب من يروي عن سميين أو يروي عنه سميان

وأما محمد بن منصور الذي يروي عنه النسائي ولا ينسبه فهو المكي لا الطوسي والقول فيه نحو القول في الذي قبله وقد روى النسائ عن الطوسي عن ابن المنذر إسماعيل بن عمر والحسن بن موسى الأشيب ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وينسبه في عامة ذلك قال ولا أعلمه روى عنه عن ابن عيينة شيئا

وأما المطابقة بين الترجمة والحديث فإنه جرى على الغالب لأن غالب النوم يكون بالليل وغالب الاستيقاظ من نوم الليل يكون عند صلاة الصبح

وأما الكتابة في الإجازة فإن كتب على العادة كفى لأن العموم يجوز تخصيصه القرينة وهي موجودة هنا وإن قيد العبارة بحيث أخرج نفسه من المجاز لهم فهو أولى

والله أعلم

وهذه مواقف استدركها بعض محدثي العصر بديار مصر وهو الشيخ علاء الدين مغلطاي شيخ الحديث بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة وانتقاها مما استدركه على كتاب تهذيب الكمال لشيخنا المزي وحضرت معي إلى دمشق لما جئت من القاهرة في سنة أربع وخمسين وسبعمائة لأسأل عنها الشيخ الإمام الوالد فأجاب عنها رحمه الله وقد كتبتها من خطه

قال رحمه الله أسئلة وردت من الديار المصرية مع ولدي عبد الوهاب في الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وسبعمائة

السؤال الأول

قال قال الحافظ المزي رحمه الله تبعا لصاحب الكمال همام بن يحيى بن دينار العوذي مولاهم المحلمي وعوذ بن سود بن الحجر بن عمرو بن عمران أخو طاحية وزهران من الأزد

انتهى

محلم لا يجتمع مع عوذ بحال لأنه قيسي وعوذ يمني على هذا جمع النسابين

وأما زهران فليس بأخ لعوذ بحال لأنه ابن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله ابن مالك بن نصر من الأزد

وأما عوذ فيزعم ابن سيده في كتابيه المخصص والمحكم وابن التياني في كتابه الموعب وأبو المعالي في كتابه المنتهى في اللغة أنه عوذة

قال الشيخ ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال مات سنة أربع وستين ومائة في رمضان

انتهى

الذي في كتاب الثقات مات سنة ثلاث أو أربع وستين ومائة في رمضان

الجواب قوله قال الحافظ المزي رحمه الله تبعا لصاحب الكمال يقتضي أنهما قالا ذلك وأن المزي قاله تبعا لصاحب الكمال فأما هذا فلا مناقشة فيه وإن

كان يحتمل أنه قاله موافقة لا متابعة والفرق بينهما أن المتابعة أن يقول لأجل قوله ولم يتحقق ذلك

وأما كونهما قالاه فلفظ المزي عندي بخطه همام بن يحيى بن دينار العوذي المحملي أبو عبد الله ويقال أبو بكر البصري مولى بني عوذ بن سود ابن الحجر بن عمرو بن عمران أخو صاحية وزهران من الأزد

وأما الكمال فعندي نسخة معتمدة سمعها النووي علي الزين خالد الحافظ وخطهما عليها ولفظه همام بن يحيى بن دينار العوذي من بني عوذ ابن سود بن الحجر بن عمرو بن عمران أخو طاحية وزهران أبو عبد الله المحلمي ويقال أبو بكر البصري

فاللفظ المنقول عنهما في السؤال لم يوافق واحدا منهما في جميع ما قال بل خالف المزي فزاد مولاهم في الأول ونقصها في الأخير وجعل عوذا مبتدأ ونقص الهاء من آخره

وخالف صاحب الكمال فاسقط من بني وزاد من الأزد فالنقل عنهما غير محرر والمزي لم يوافق صاحب الكمال فضلا عن كونه تابعه

وقوله محلم لا يجتمع مع عوذ إنما يراد به لو ادعى أنه صليبة منهما وقد صرح المزي بأنه مولى بني عوذ فلا يمتنع مع ذلك أن يكون محلميا صليبة وممن قال إنه مولى بني عوذ ابن أبي حاتم وذكر في آخر كلامه أنه سمع أباه يقول ذلك وناهيك بهما والظاهر أن المزي أخذ منه فإنه عبارته

وقوله لأنه قيسي يعني محلميا فصحيح لأنه محلم بن ذهل بن شيبان ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى من دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان هذا هو الصحيح في نسبه ومنهم من يذكر غير ذلك

وقيس هو قيس عيلان بن مضر بن نزار فأطلق عليهم كلهم قيس وإن لم يكن بنو ربيعة ولا أولادهم من ولد قيس وربما أطلق قيس على كل من ينتسب إلى عدنان وعدنان من ولد إسماعيل عليه السلام بلا شك

وقال أبو علي الغساني من نسبه يعني همام بن يحيى في الأزد قال العوذي ومن نسبه في ربيعة بن نزار قال المحلمي الشيباني

وهذا الكلام يقتضي أن فيه خلافا وممن قال إنه محلمي شيباني ابن أبي حاتم وممن ذكر أنه محلمي ابن السمعاني في الأنساب

وقوله عوذ يمني صحيح بحسب النسب الذي وجده عوذ بن سود بن حجر ابن عمرو بن عمران بن عمرو مزيقياء الخارج من اليمن أيام سيل العرم بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت ابن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان والأزد كلهم يمنيون وربما أطلق يمن على قحطان كلهم فيقال قحطان يمن وعدنان قيس ومرجع أنساب العرب كلهم إلى هذين الاسمين عدنان وقحطان

وقال وهو قضاعة والناس مختلفون في قضاعة قيل إنهم من معد بن عدنان وقيل قضاعة بن مالك بن حمير وقيل غير ذلك ولم يتحقق في قحطان وقضاعة قيل هم من ولد إسماعيل أو لا

وقال ابن السمعاني عن أحمد بن الحباب عوذ وعائذ وعياذ بنو سود وساق النسب لكنه أسقط عمرو بن عمران

وقد ذكر ابن سيده عائذا فقال عائذ الله حي من اليمن فإن كان هذا الذي قاله ابن سيده هو الذي قاله ابن الحباب فهو أخو عوذ

وقال ابن السمعاني عن ابن الحباب أيضا إنه قال في نسب كندة أبو الحرام ابن القمرط بن غنم بن عوذ بن عبيد بن بدر بن غنم بن أريش وعوذ مناة بن يقدم

انتهى كلامه

ويقدم بن يذكر بن عنزة بن أسد

وقال ابن ماكولا عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس وفي الرواة جماعة عوذيون أشهرهم بهذه النسبة همام بن يحيى صاحب الترجمة ومنهم معمر بن واسع العوذي وابنه عوذ بن معمر ثقة

ورأيت شجرة عملها بعض المتأخرين ووافق فيها ما ذكرناه عن ابن الحباب في نسب عوذ وقال فيه ابن عبيد بن زر بن أريش بن إراش بن جريلة بن لخم بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ وضبط بخطه عبيد بفتح العين وأريش بفتح الراء وجريلة بفتح الجيم وكسر الراء

فهذه ثلاثة أقوال في نسب عوذ فعلى قول ابن ماكولا لا يمتنع أن يقال عوذ قيسي ويجتمع مع محلم وسيأتي عن ابن دريد ما يوافق ابن ماكولا

وفي الشجرة التي أشرت إليها عوذ من الأزد بن الحجر

ومن عنزة ومن بجيلة

وقوله زهران ليس بأخ لعوذ إن أورده على صاحب الكمال فإنما يراد أحرف نسبها وقد رأيت الاختلاف في نسب عوذ على أقوال وربما يكون فيه قول آخر

وأما نسب زهران المشهور القبيلة التي ينسب إليها كل زهراني فصحيح هو ابن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد

ورأيت في الشجرة المذكورة مع ذلك أن زهران بن الحجر بطن نقله عن أبي عبيد ومقتضاه أن يكون زهران آخر وأن يكون أخا عوذ أو عمه وينسب إليه

وأما زهران بن كعب فقبيلة عظيمة ينسب إلى من دونها كما يقال الدوسي ودوس بن عبد الله بن زهران بن كعب ومقتضاه أن يكون زهران آخر وأن يكون أخا عوذ أو عمه فلا يرد السؤال ولا يكون المراد به زهران الأول

وإن أورده على المزي فهو لم يقل إن زهران أخو عوذ وإنما قال إن بني عوذ إخوة طاحية وزهران

وقوله عن ابن سيده وغيره إن أراد به إنكار عوذ فالنسابون قد ذكروه ونسبوه لا واحد ولا اثنان وكذا المحدثون

وقال ابن حبان عوذ الله

وقد تقدم من سمي من الرواة

ولم يقل ابن سيده إن ذلك الشخص يسمى عوذة حتى يكون اختلافا في اسمه وإنما قال وبنو عوذة من الأزد فيحتمل أن يكون عوذة أمهم ويحتمل أن يكون عرفوا بذلك وإن كان جدهم عوذا ويحتمل أن يكون عوذة واقتصر النسابون على عوذ لأنه المنسوب إليه والهاء تسقط

ورأيت في الشجرة التي أشرت إليها لما ساق نسبه كما قدمته عوذة وقيل عوذ وهذا يقتضي خلافا فيه

وقال أيضا عوذ بن أزد الحجر ومن بجيلة وإن عوذا من لخم وعائذ الله من ربيعة ومن مذحج وعائذة من ضبة ومن جذام وعبد الله بن مذحج وعبدة ابن جذام وعبد الله بن فهرة وكذا النسابون طاحية بن سود بن الحجر بطن من الأزد فلا إشكال أنه أخو عوذ وذكر منهم امرأ القيس بن المنذر بن النعمان بن امرئ القيس بن عتبة بن الحرام بن العمرط بن غنم بن عوذة وقيل عوذ بغير الهاء

وقال أبو بكر بن دريد في أماليه أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني هدم بن عوذ بن غالب ثم من بني عبس وذكر أبياتا وهذا عوذ آخر وهو موافق لما قدمناه عن ابن ماكولا ويقتضى أن يكون في قيس عوذ لأن عبسا من قيس إلا أنه قيل إن عبسا في قيس وفي مراد فالله أعلم بذلك يضعف ما أورده المعترض

وقوله في وفاته عن كتاب الثقات في رمضان فالذي رأيته في الثقات لابن حبان سنة ثلاث أو أربع وستين ومائة وليس فيها في رمضان لا كما قاله المزي ولا كما قاله المعترض عليه والنسخة التي رأيتها جيدة ولكن ذلك قريب وزيادة في رمضان إذا ثبتت في نسخة أخرى عمل بها وهي صحيحة لأن خليفة ابن خياط قال في شهر رمضان لكنه إنما قال سنة ثلاث وستين ومائة كذا رأيته في تاريخ خليفة

السؤال الثاني قال وقال أيضا عياض بن حمار ابن أبي حماري واسمه ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان نسبه خليفة كذا هو موجود بخط المهندس وقرأته على الشيخ

والذي رأيت في كتاب الطبقات لخليفة المكتوب عن تلميذه أبي عمران عنه ابن أبي حمار بغير ياء ابن ناجية بن عقال وكذا نقله عن خليفة أيضا أبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة والباوردي أبو منصور وابن عبد البر والدارقطني وآخرون آخرهم ابن الأثير قال عياض بن حمار بن أبي حمار ابن ناجية كذا نسبه خليفة بن خياط

الجواب لفظ المزي في كتابه بخطه عندي عياض بن حمار المجاشعي التميمي من بني مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم له صحبة وهو عياض بن حمار بن أبي حمار بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان ابن مجاشع نسبه خليفة بن خياط

فالذي قاله المزي كما قاله غيره من الأئمة ونسخة من قال خلاف ذلك غلط

وهذه الترجمة في الجزء الرابع والستين من تهذيب الكمال وقد سمعه المهندس بقراءة جمال الدين رافع كما قلناه

وقد رأيت في طبقات المحدثين لخليفة ومن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ثم من بني مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم عياض بن حمار بن أبي حمار بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم وأمه وطيفة

وذكر ابن حزم من هذه القبيلة الأقرع بن حابس بن عقال والفرزدق وامرأته النوار بنت أعين بن ضبيعة بن ناجية بن عقال

السؤال الثالث قال وقال أيضا عيسى بن عبد الرحمن بن فروة الأنصاري الزرقي من ولد النعمان بن بشير

انتهى

النعمان من ولد سعد بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج فلا يجتمع مع زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج

الجواب كما ذكره المزي ذكره ابن أبي حاتم والخطيب في تاريخ بغداد

وقد ذكر الأزدي فقال عيسى بن عبد الرحمن الحكم بن النعمان بن بشير لكنه منكر غير معروف وعيسى بن عبد الرحمن الزرقي معروف ووالده عبد الرحمن ذكره شيخنا الحافظ النسابة في قبائل الخزرج وهو عبد الرحمن بن فروة بن أبي عبادة بن عثمان بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء فنسبه إلى بني زريق معروف ولا يمكن بعد ذلك أن يكون من ولد النعمان بن بشير إلا أن يكون من ولد البنات قد تكون أمه أو أم أبيه من ذرية النعمان فصح ذلك

وذكر البخاري عيسى بن عبد الرحمن عن الزهري وقال منكر الحديث قال وروى ابن لهيعة عن عيسى بن عبد الرحمن عن الزهري مقلوبا ولم يتعرض لكونه من ولد النعمان

وقد وقع من المعترض في نسب النعمان هنا تقصير كثير فإن النعمان ابن بشير ابن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد مناة بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأصغر بن الحارث بن الخزرج الأكبر الذي هو صاحب القبيلة والمعترض نقص فأوهم

والخزرج خزرجان الخزرج الأكبر بن حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء

والخزرج الأصغر بن الحارث بن الخزرج الأكبر ولكل من الخزرجين أن كعب وزيد مناة المذكور يقال له زيد أيضا

وابنه خلاس بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وقيل بضمها وتشديد اللام وقيل بالجيم المضمومة

وسعد هو جد النعمان ليس قبيلة

ولم يبين المعترض نسب عيسى بن عبد الرحمن فلو قال له قائل يحتمل أن يكون من ولد النعمان كما قال الأزدي ويكون زرقيا إما بالولاية وإما بغيره لم يجد عن ذلك جوابا

والخزرج المذكور في نسب بني زريق هو الخزرج الأكبر فلا يقال ابنه جشم بابن ابن ابنه كعب

السؤال الرابع قال قال أيضا عيسى بن عبد الرحمن السلمي ثم البجلي وبجيلة من سليم

كذا هو بخط المهندس وقرأته على الشيخ والذي في سليم إنما هو بجلة بسكون الجيم من غير ياء بعدها على هذا النسابون حتى قال علي ابن حمزة البصري في كتاب التنبيهات على أغلاط الرواة أخبرني أبو حاتم السجستاني قال أنشد الأصمعي يوما قول عنترة

وآخر منهم أجررت رمحي ** وفي البجلي معبلة وقيع

فناداه الأعرابي أخطأت يا شيخ إنما هو البجلي وما لعبس وبجيلة

قال أبو حاتم فسألت الأعرابي فما أراد عنترة قال أراد بجلة أولاد ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة

قال أبو حاتم فكان الأصمعي بعد ذلك لا ينشده إلا كما قال الأعرابي

وقال الهجري في نوادره وعلي وبهز وبجلة ولد ثعلبة بن بهثة بن سليم لا يزيدون أبدا على العشرة وقال في موضع آخر امتحنوا إلا نفرا يسيرا

الجواب هذا اعتراض صحيح لأن بجلة بالسكون في سليم أمر مشهور ولأن السمعاني ذكر عيسى بن عبد الرحمن هذا في بجلة بالإسكان وهو رهط من سليم بعد ذكره بجيلة فالنسبتان معروفتان والرجل معروف والجوهري في الصحاح ذكر بجلة التي بالسكون والمزي اختصر الصحاح ولا يخفى عنه ذلك ولكن الوهم قل من يسلم منه على أن البخاري قال في تاريخه عيسى بن عبد الرحمن السلمي وقال محمد بن يحيى حدثنا سلم بن قتيبة حدثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي حي من بني سليم

وكذا قال ابن أبي حاتم

ولكنهما لم يعتدا بتحريك ولا إسكان فلعلهما اكتفيا بأن ذلك معلوم

وبجلة بالإسكان هو مالك بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان سموا بذلك باسم أمهم بجلة بنت هناءة بن مالك بن فهم من الأزد وهم قصية ومازن وفتيان أولاد مالك بن ثعلبة

فما حكاه المعترض عن أبي حاتم وعن الهجري ليس فيه ثقات

وأما بجيلة بكسر الجيم وياء بعدها فالمشهور أنه ابن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث أخي الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ وقيل اسم أمهم وهي من سعد العشرية وأختها باهلة ولدتا قبيلتين عظيمتين وقد تفرقت في القبائل تفرقا كثيرا قال زياد الأعجم

لعمرك ما بجيلة من نزار ** ولا قحطان فانظر من أبوها

وبعض القبائل يدخل بعضها في بعض فلذلك أقول يحتمل أن يكون أيضا في سليم أحد من بجيلة وقد دخل في سليم غاضرة وعاينة وهما من قضاعة وإنما دخلا في سليم فقيل ابنا سليم بن منصور بن عكرمة فلذلك لم أقطع بأن هذا خطأ محض

وبيت عنترة مضبوط هكذا في الأشعار الستة بالسكون وقبله

تركت جبيلة بن أبي عدي ** يبل ثيابه علق نجيع

وجبيلة رجل من بجلة بالسكون وبجلة بالسكون من قيس وبجيلة بالياء من يمن وهما متباعدان وعنترة من بني عبس وعبس هو ابن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس فالتباعد بينه وبين بجيلة أي بين عنترة وبجيلة أشد فلذلك قال الأعرابي ذلك ما لعبس وبجلية أي ما لعنترة وبجيلة

ويصح أن يقول ما للمقتول وهو من قيس وبجيلة

وممن ينسب إلى بجلة بالسكون عمرو بن عبسة الصحابي وقبيصة بن وقاص الصحابي السلمي

وذكر خليفة أن بجلة ذكوان ومالكا ابنا ثعلبة بن بهثة

السؤال الخامس قال وقال أيضا الفضل بن العباس بن عبد المطلب قتل يوم اليرموك في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

انتهى

الجواب الذي في كتاب المزي قال عباس الدوري عن يحيى بن معين قتل يوم اليرموك في عهد أبي بكر رضي الله عنه وقال غيره قتل يوم مرج الصفر سنة ثلاث عشرة وقال الواقدي مات بالشام في طاعون عمواس في عهد عمر رضي الله عنه

فإن كان إيراد فعلى ابن معين لا عليه ودعوى الإجماع أن اليرموك في عهد عمر فممنوعة قد قال سيف إنها في عهد أبي بكر في صفر وشهري ربيع من سنة ثلاث عشرة لكن المشهور خلافه

وأجنادين في عهد أبي بكر بلا شك وذكرها خليفة في تاريخه وفيه عن أبي الحسن وأظنه الراوي عن الراوي عنه وعن ابن الكلبي أن الفضل توفي يومئذ ولعله يوم أجنادين استشهد وجاء إلى اليرموك فمات بها فإنها قريبة منها فيجتمع القولان ولا يكون المراد يوم اليرموك الذي هو في عهد عمر رضي الله عنه

السؤال السادس قال وقال أيضا الفضل بن يعقوب الرخامي قال محمد ابن مخلد وابن قانع مات سنة ثمان وخمسين ومائتين زاد ابن مخلد في أول شهر جمادى الأولى

انتهى

الذي في كتاب الوفيات لمحمد بن مخلد وفي خطه أنقل توفي في شهر جمادى الأولى وأما ابن قانع فقال في تاريخه كما قاله ابن مخلد مات في شهر جمادى الأولى فلا فرق بين القولين

الجواب قول المزي أول زيادة والزيادة من العدل مقبولة ودعه لا يكون في خط المصنف فلعله ألحقه في نسخة أخرى وسمعت منه وبها يفترق القولان

ويرد على جميعهم استعمال شهر في جمادى وهو خطأ

السؤال السابع قال وقال طيسلة بن علي النهدي روى عن ابن عمر وعائشة روى عنه أيوب بن عتبة وعكرمة ويحيى بن أبي كثير وأبو معشر ثم قال طيلسة بن مياس السلمي ويقال النهدي روى عن ابن عمر روى عنه زياد ابن مخراق ويحيى بن أبي كثير كذا فرق بينهما وقال ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه والذي قبله في ترجمة واحدة

انتهى

وهو بنفسه يرد على نفسه لأن النسبة واحدة والمروي عنه واحد والراوي عنهما واحد فأي تفرقة تكون بينهما سوى الاختلاف في اسم الأب فقط ولو نظر كتاب أحمد بن هارون البرديجي لوجده قد بين ذلك بيانا شافيا فقال طيسلة بن مياس ومياس لقب وهو طيسلة بن علي روى عنه يحيى بن أبي كثير وزياد ابن مخراق

انتهى وممن جمع بينهما ولم يفردهما البخاري في تاريخه ويعقوب بن سفيان الفسوي في تاريخه الكبير وابن خلفون الأونبي وابن شاهين في كتاب الثقات فينظر من سلف الشيخ

الجواب إيضاح الجمع والتفريق من أحسن العلوم في الحديث وللخطيب فيه تصنيف ذكر للبخاري أربعة وسبعين وهما على ما زعم

والمزي ذكر طيسلة بن علي من مسائل أبي داود والراوي عنه فيه زياد فلم يتحد الراوي ومثل ذلك لا يحكم فيه بالاتحاد إلا بدليل وكان الأخلص ذكرهما ترجمتين ويقع الاتحاد في محل الاحتمال والبخاري وابن أبي حاتم ذكرا ترجمة واحدة ولم يحكما بالاتحاد

لكن ذكر الاختلاف وأشار إلى احتمال الاتحاد والافتراق ولكن كلام البرديجي متين حسن فيه زيادة فائدة والاعتراض إنما يكون على من يحكم بالاتحاد في محل الافتراق أو بالافتراق في محل الاتحاد أما من ينقل ترجمة واحدة كما فعل البخاري ويحكى الخلاف أو ترجمتين كما فعل المزي ويحكي الاختلاف فليس في الاعتراض عليه كبير أمر وإنما يكون زيادة فائدة إذا صحت وإلى الآن لم تصح

والمزي لم يرد على نفسه بنفسه بل قال كلام ابن أبي حاتم فالواو عطفا على كلامه إشارة إلى الخلاف وقول البرديجي قد لا يوافق عليه وهذا إنما قلناه لبيان أنه فيه احتمال ما والبرديجي إمام موثوق به والأولى الرجوع إلى قوله ما لم يتبين خلافه

السؤال الثامن قال وقال أيضا عبد الله بن أنيس الجهني قال أبو سعيد بن يونس توفي بالشام سنة ثمانين روى عنه من أهل مصر ربيعة بن لقيط تبعا لصاحب الكمال

انتهى

ابن يونس لم يقل هذا الكلام إلا في ترجمة عبد الله بن حوالة الأزدي بيانه أن أبا سعيد لما ذكر ابن أنيس قال صلى القبلتين وفي الحديث أنه غزا إفريقية وفيما روي عنه نظر وهو ابن أنيس بن أسعد بن حرام أبو يحيى القضاعي حليف الأنصار روى عنه معاذ

انتهى

ثم ذكر بعده عبد الله بن قيس له صحبة مات سنة تسع وأربعين وبعده عبد الله بن شفي وبعده بورقة عبد الله بن حوالة الأزدي يكنى أبا حوالة قدم مصر مع مروان يروى عنه من أهل مصر ربيعة بن لقيط وذكر له حديثنا ثم قال توفي بالشام سنة ثمانين وكذا قاله في تاريخ الغرباء وكأن صاحب الكمال انقلبت عليه في تاريخ ابن يونس ورقة إن كان نقله من أصل

وكذا هو في نسختي من التاريخ ولعلها هي التي نقل منها لأن آخر الكلام في ابن أنيس آخر الورقة

وقوله روى عنه من أهل مصر أول الأخرى

والله أعلم

الجواب هذا أحسن الأسئلة مع ما فيه مما يرد عليه وعلى المزي أيضا

أما كونه أحسن الأسئلة فلأن ابن يونس لم ينقل تاريخ وفاة ابن أنيس وإنما نقل تاريخ وفاة ابن حوالة ويبعد جدا أن يكون ابن أنيس تأخر إلى سنة ثمانين لأنه شهد العقبة مع السبعين قبل الهجرة بسنة وأمره النبي على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة وقتل سفيان بن خالد بن نبيح الذي أراد أن يغزو النبي وإنما توفي في زمن معاوية قال ابن عبد البر سنة أربعة وخمسين وقال غيره سنة ثمان وخمسين

وأما ابن حوالة فقال ابن سعد وجماعة إن وفاته سنة ثمان وخمسين وقال ابن يونس يقال توفي عبد الله بن حوالة بالشام سنة ثمانين

فنقل هذا عن ابن يونس في ترجمة ابن أنيس التباس كما قاله المعترض

وأما ما فيه فمنه ما يرد على المزي وعلى المعترض في الحكاية عن ابن يونس وابن يونس لفظه كما حكيته لك يقال توفي ابن حوالة هكذا نقلته من نسخة من تاريخ ابن يونس بخط أبي عبد الله الصوري فنقل ذلك عن ابن يونس نفسه لا يتبع في ابن حوالة فضلا عن الانتقال منه إلى ابن أنيس فعلى المزي نقدان وعلى المعترض نقد واحد

ومنه على المعترض خاصة قوله عن المزي عن ابن يونس روى عنه ربيعة بن لقيط والمزي لم يقل ذلك عن ابن يونس بل عن نفسه وإن كان الحامل له على ذلك قول ابن يونس الذي انقلب عليه أو على صاحب الكمال

ومنه قوله وهو ابن أنيس

إلى آخره وهذا ليس هو لفظ ابن يونس وابن يونس ساق نسب ابن أنيس أولا

ومنه قوله عن ابن يونس روى عنه معاذ وعليه فيه اعتراضان أحدهما إيهامه أنه معاذ بن جبل وهو إيهام قبيح جدا والثاني أن هذا لم يقله ابن يونس وإنما قال أخبرنا أحمد بن شعيب النسائي حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن أيوب ابن موسى عن معاذ بن عبد الله بن أنيس عن أبيه وكان صلى مع رسول الله القبلتين كلتيهما أنه خرج مع أبيه إلى أفريقية ومعاذ هذا هو معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني مات سنة ثمان عشرة ومائة

وفي الصحابة عبد الله بن أنيس آخر أنصاري

وفي الرواة عبد الله بن أنيس ثالث

ولم يذكر ابن عساكر ابن أنيس والظاهر أنه لم يدخل الشام وإن كان في رحلة حار إليه على الشك في الشام أو مصر والصحيح مصر والله أعلم

ومن الفوائد غير الحديثية عنه مما يدل على تبحره في لسان العرب وقد كانت الأئمة إذا قرءوا الحديث بحضرته جبنوا وقيل لم يسلم قارئ بحضوره من رده عليه وقرأ عليه أبو العباس بن تيمية جزءا فرد عليه غير موضع في الأسماء وغيرها

وحضرت قارئا يقرأ عليه فانتهى إلى حديث المصراة فقال لا تصروا الإبل والبقر والغنم بفتح التاء وضم الصاد فقال له الشيخ تصروا أي بضم التاء وفتح الصاد فقال القارئ وهو من فضلاء عصرنا كيف قال مثل تصلوا تزكوا وأخذ يسترسل في ذكر أخوات اللفظة

وقد قرأ عليه الشيخ شهاب الدين ابن المرحل النحوي أستاذ صاحبنا الشيخ جمال الدين عبد الله بن هشام في النحو كتاب سيرة ابن هشام فمرت به لفظ رشد فجرى على لسانه رشد بكسر الشين فرد عليه الشيخ رشد بالفتح وقال له قال الله تعالى ‏{‏لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‏}‏ بضم الشين ولم يزد وكان من عادته الإشارة دون تطويل العبارة ومراده أن يفعل إنما يكون مضارعا لفعل ولا قائل به هنا أو لفعل وهو المدعي

قال له ابن المرحل وكذا قال تعالى ‏{‏فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا‏}‏ فسكت الشيخ وظن ابن المرحل كما نقلته من خط تلميذه ابن هشام عنه أن الشيخ لم يفهم توجيه السؤال في ‏{‏رَشَدًا‏}‏ على رشد

قلت وشيخنا أيضا عندنا أعظم من ذلك ولكن رأى ما ذكره مختلا فسكت عليه وكان لا يرى توسيع العبارة وغالب مجالسه السكوت

قال ابن هشام ورأيت في كتاب سيبوه رشد يرشد رشدا مثل سخط يسخط سخطا وهذا عين ما ذكره شيخنا ابن المرحل فلله دره قد جاء السماع على وفق قياسه

انتهى

قلت لا يغنيه هذا السماع الغريب ولا القياس في قراءة كتب الحديث فإنها إنما تقرأ على جادة اللغة وكما وقعت الرواية به والرواية لم تقع إلا على ما قاله شيخنا وهو مشهور اللغة

1418 يونس بن أحمد بن صلاح

الشيخ شرف الدين أبو النور القلقشندي

كان من أعيان فقهاء مصر

توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وسبعمائة

1419 يونس بن عبد المجيد بن علي بن داود الهذلي

القاضي سراج الدين الأرمنتي

فقيه أديب

سمع من الشيخ مجد الدين القشيري والحافظ يحيى بن علي العطار وغيرهما

وصنف المسائل المهمة في اختلاف الأئمة وكتاب الجمع والفرق

وولاه قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز قضاء إخميم ثم ولي قضاء البهنسا عن شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد ثم ولي قضاء بلبيس والشرقية ثم قضاء قوص وتوفي بها من لسعة ثعبان في خامس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وسبعمائة

ومولده بأرمنت سنة أربع وأربعين وستمائة

وهو القائل رحمه الله تعالى

شرط الكفاءة ستة قد حررت ** ينبيك عنها بيت شعر مفرد

نسب ودين صنعة حرية ** فقد العيوب وفي اليسار تردد

وله

مجاز وإضمار ونقل وبعده اشتراك ** وقبل الكل رتبة تخصيص

متى ما يكن إثنان منها تعارضا ** تقدم ما قدمت واحظ بتلخيص

وقد قلت أنا في هذا ما سطرته في شرح المنهاج

تجوز ثم إضمار وبعدهما ** نقل تلاه اشتراك فهو يخلفه

وأرجح الكل تخصيص وآخرها ** نسخ فما بعده قسم يخلفه

ومن شعره أيضا

إن ترمك الأقدار في أزمة ** أوجبها أجرامك السالفه

فافزع إلى ربك في كشفها ** ليس لها من دونه كاشفه

وله

وشادن زار بعد يأس ** كالغيث وافى على قنوط

وبات يجلو علي كأسا ** جاءت بحل الدم العبيط

ولم يثلث إذ اختلسنا ** إلا بإثم بنا محيط

فقلت والليل في شباب ** عاجله الصبح بالوخوط

مشمر ذيله لسير ** تشمير ذي الرحلة النشيط

بالله يا صبح لا تزرنا ** فالصبح حرب لقوم لوط

آخر الطبقات على ما وجد بخط المصنف تغمده الله برحمته